DoMore
28-01-2007, 11:18 AM
مرحبا شباب وبنات :)
هذي قصة ثانية لنفس الشخص الي كتب القصة الأولى واتمنى تعجبكم زي ما اعجبتني :)
طبعاً القصص الي موجوده عندي للكاتب كثير وهو يكتب في جريدة الرياض وكان يكتب قبل في بعض المنتديات ... ما اطول عليكم :)
* الأسطورة *
أنين استفراغه كان يهز المكان .
الجدران الصلبة و الأبواب المغلقة لم تستطع أن تخفف من حدة الصوت الذي اخترق كل الحواجز .
عينان حمراوان دامعة .
قطع صغيره من الأكل متناثرة على وجهه .
و يدين مرتعشتين .
هكذا بدا أمام المرآة .
وبعد أن خرج من الحمام ، باغتته نوبة من السعال رافقته حتى دخوله المكتب .
شخصيته غير الودودة لم تجعل أحدا ممن رآهم في الممر يهتم بالسؤال عن صحته .
شخصيته غير الودودة أيضا لم تجعله يهتم لهذا الأمر .
وما أن استقر على كرسي المكتب حتى فاض منه كره لكل شيء حوله .
اخذ يلملم أغراضه مستعدا للخروج .
لكن الحدث الذي جعله ينتظر هو دخول الفراش عليه .
وبدون أن يتبادلا أي كلمه ، وضع الفراش الجريدة وهو يتثاءب وخرج .
بتثاقل غير معتاد مد يده ليلقي نظره على النسخة النهائية من مقاله قبل أن يسمح لهم بطبعه .
لكن الرغبة الجامحة التي كانت تسبق قراءة النسخة الأخيرة من كل مقالاته لم تعد موجودة .
هذا الأمر كان واضحا من طريقة تصفحه للجريدة ببرود .
اخذ يتوقف عند كل خبر في الجريدة أملا في أن يؤجل النظر إلى مقاله حتى آخر لحظة .
الأخبار المتناثرة في الجريدة لم تكن كافية لأن تشده .
بل مع الأسف كانت تستفزه .
تستفزه لدرجة انه بات ينظر إلى أن كل خبر في الجريدة اصله الكذب لا الحقيقة .
لكن الاستفزاز الحقيقي ظهر عندما وقعت عيناه على المقال الذي اقترفته يداه .
لم يملك الجرأة لأن يقرأ حتى العنوان .
باغته شعور بالغثيان ، لكن لم يبق شيء في جوفه لم يخرجه .
صفق بالجريدة عرض الحائط وعاد ليكمل جمع أغراضه .
وقعت يده على مجموعة من قصص الأطفال كان قد اشتراها لابنته .
وبدون سبب مقنع ، تناول إحدى هذه القصص و اخذ يقرأها .
كانت القصة عبارة عن الأسطورة العالمية المعروفة التي تحكي عن الصبي الراعي الذي كان يستنجد بأهل قريته من الذئب ، لكن كل ما وصل الأهالي لا يجدون الذئب ، فيوبخون الصبي على كذبه ، حتى جاءت المرة الثالثة عندها وجد أهل القرية جثة الصبي ممزقة .
لكن نوبة الشك التي تجتاحه جعلت مصير الأسطورة التي قرأها يكون نفس مصير الجريدة .
و إذا كان لا يعرف السبب الذي دفعه لقراءة القصة ، فبالتأكيد لن يعرف سبب إمساكه بالقلم وشروعه في إعادة صياغة الأسطورة .
" كان صبيا عاديا .
ولم يكن هناك أي شيء يميزه عن غيره سوى أن ظروفه المعيشية خانته .
وفي الوقت الذي كان ينعم أقرانه بدفء ذويهم ، كان هو مكوما فوق التل وعينيه مرتكزة على القطيع .
لكن
ما سبب هذه الرعشة التي تزلزل جسده .
لم يكن البرد هو السبب ، فلقد مر بظروف جوية أسوء ولم يتأثر .
ما الذي جعله لا يستطيع الحراك أو حتى البكاء .
لم يكن وقوعه من أعلى التل هو السبب ، فلقد وقع كثيرا ولم يتأثر .
لقد رآه .
رأى بطل جميع القصص المفزعة التي سمعها .
وبنفسه اكتشف أن جميع هذه القصص ما كانت حتى لتقترب من وصف شكله الحقيقي .
كيف ستصف السواد الشاهب .
الأنفاس الملتهبة .
العينين المتشققة .
كيف .
الذئب – هكذا صرخ ألف مره – بكل ما أوتي من قوة صوت .
كان الصوت حادا لدرجة أقنعت الذئب بفشل خطته فابتعد .
وبعد فتره غير و جيزة أقبل أهل القرية متثاقلين لنجدة الصبي .
في المرة الأولى كان انطباع الأهالي عبارة عن أحاديث هامسة تقول انهم عهدوا بمهمة الرعي إلى صبي جبان كاذب .
أما في المرة الثانية فلم يتوانوا من الصراخ في وجه الصبي مهددينه في حالة تكرار هذه الفعلة بأنهم سيسلمونه الذئب بأنفسهم .
بخطى متهالكة كان يسير بأغنامه للمرعى ، يتأمل شروق الشمس بلهفة ، ففي كل يوم كان يقسم أن هذا هو آخر شروق سيراه .
لقد رأى نهايته في عيونهم ، كان يعلم أنهم لن يأتوا .
وبمكان غير بعيد عن المرعى ، كانت الأفكار التي تدور في رأس الذئب مختلفة تماما .
فصراخ الصبي كان منبع المشاكل عندها سيأتي أهله لنصرته هذا هو دأب كل الكائنات على وجه الأرض .
يجب إذن أن يخرس هذا الصوت .
وبحركات مكتومة هرول الذئب ملتفا من حول الصبي ، ولم يكن الذئب يهرول عبثا .
و ماهي إلا لحظات حتى كان الذئب جاثما على صدر الصبي ، وغرز أنيابه في عنقه .
ومن بين الألف صرخة المعتادة ، انطلقت صرخة واحدة فقط من أعماق الصبي .
صرخة كانت كافية لأن تجعل كل من في القرية يرفعون رؤوسهم .
لكنها لم تكن كافية لان تجعلهم ينقضوا العهد الذي أخذوه على أنفسهم بعدم نجدة الصبي أبدا .
تدلى رأس الصبي على الأرض ، كان يحس بالراحة ، لن يجرؤ أحد الآن أن ينكر زيارة الذئب للمكان .
هاج الذئب أيما هيجان ، لقد باء مخططه بالفشل ، في أي لحظة سيتواجد الأهالي .
وبعنف لم يعرف له مثيلا ، غرس أنيابه التي تقطر منها الدماء في أقصى جوف الصبي ، لم تكن غريزة الجوع هي دافعه ، كانت غريزة الانتقام .
لم تهدأ هذه الغريزة إلا عندما نهشت الجثة بالكامل إلا قليلا .
عندها أطلق الذئب ساقيه للريح ولم يعد للمكان أبدا .
لكن أفكار الذئب كانت خاطئة ، ولا يلام في هذا فتفكيره يختلف عن الإنسان .
فالأهالي لم يحضروا إلا عندما استفقدوا أغنامهم آخر النهار .
كالخُشبِ المسندة وقفوا متحلقين حول جثة الصبي .
لم يكونوا يحسون بالحزن لمصير الصبي .
ولم يكونوا يحسون بالفرح لأن أغنامهم سلمت من الاعتداء .
كانوا يحسون بالحيرة .
نعم ، الحيرة .
كيف سيواجهون القرى المجاورة والعار ملتصق بجباههم لأنهم لم يحموا ابنهم .
يستحيل أن يفتضح أمر كهذا .
يجب أن توضع نهاية لهذه الكارثة الآن .
"" لقد كنا نظن الصبي كاذبا "" هكذا تهامسوا .
رد أكبرهم قائلا :
- كاذبا ، هذه بداية جيدة للقصة الجديدة .
عندها
تغيرت كل الوقائع و الأحداث .
لقد أتقنوا الحيلة .
فالقرى المجاورة لم تصدق وحدها القصة بل البشرية كلها صدقتها ، صدقتها لدرجة انهم صنفوها من ضمن الأساطير .
ولا عزاء لذلك الصبي الذي انتهكت طفولته .
ومات ابشع ميتة .
وخلده التاريخ كأحد رموز الكذب التي نحذر الأطفال من تقليدها ."
وضع القلم جانبا واسند رأسه على الكرسي ، ثم تساءل ببلاده :
- يا ترى
ماذا لو كانت هذه هي القصة الحقيقية .
ماذا لو كان الصبي رأى الذئب فعلا .
عندها
هل ستنفع هذه الأسطورة لأن تكون قصة للأطفال بعد الآن .
هذي قصة ثانية لنفس الشخص الي كتب القصة الأولى واتمنى تعجبكم زي ما اعجبتني :)
طبعاً القصص الي موجوده عندي للكاتب كثير وهو يكتب في جريدة الرياض وكان يكتب قبل في بعض المنتديات ... ما اطول عليكم :)
* الأسطورة *
أنين استفراغه كان يهز المكان .
الجدران الصلبة و الأبواب المغلقة لم تستطع أن تخفف من حدة الصوت الذي اخترق كل الحواجز .
عينان حمراوان دامعة .
قطع صغيره من الأكل متناثرة على وجهه .
و يدين مرتعشتين .
هكذا بدا أمام المرآة .
وبعد أن خرج من الحمام ، باغتته نوبة من السعال رافقته حتى دخوله المكتب .
شخصيته غير الودودة لم تجعل أحدا ممن رآهم في الممر يهتم بالسؤال عن صحته .
شخصيته غير الودودة أيضا لم تجعله يهتم لهذا الأمر .
وما أن استقر على كرسي المكتب حتى فاض منه كره لكل شيء حوله .
اخذ يلملم أغراضه مستعدا للخروج .
لكن الحدث الذي جعله ينتظر هو دخول الفراش عليه .
وبدون أن يتبادلا أي كلمه ، وضع الفراش الجريدة وهو يتثاءب وخرج .
بتثاقل غير معتاد مد يده ليلقي نظره على النسخة النهائية من مقاله قبل أن يسمح لهم بطبعه .
لكن الرغبة الجامحة التي كانت تسبق قراءة النسخة الأخيرة من كل مقالاته لم تعد موجودة .
هذا الأمر كان واضحا من طريقة تصفحه للجريدة ببرود .
اخذ يتوقف عند كل خبر في الجريدة أملا في أن يؤجل النظر إلى مقاله حتى آخر لحظة .
الأخبار المتناثرة في الجريدة لم تكن كافية لأن تشده .
بل مع الأسف كانت تستفزه .
تستفزه لدرجة انه بات ينظر إلى أن كل خبر في الجريدة اصله الكذب لا الحقيقة .
لكن الاستفزاز الحقيقي ظهر عندما وقعت عيناه على المقال الذي اقترفته يداه .
لم يملك الجرأة لأن يقرأ حتى العنوان .
باغته شعور بالغثيان ، لكن لم يبق شيء في جوفه لم يخرجه .
صفق بالجريدة عرض الحائط وعاد ليكمل جمع أغراضه .
وقعت يده على مجموعة من قصص الأطفال كان قد اشتراها لابنته .
وبدون سبب مقنع ، تناول إحدى هذه القصص و اخذ يقرأها .
كانت القصة عبارة عن الأسطورة العالمية المعروفة التي تحكي عن الصبي الراعي الذي كان يستنجد بأهل قريته من الذئب ، لكن كل ما وصل الأهالي لا يجدون الذئب ، فيوبخون الصبي على كذبه ، حتى جاءت المرة الثالثة عندها وجد أهل القرية جثة الصبي ممزقة .
لكن نوبة الشك التي تجتاحه جعلت مصير الأسطورة التي قرأها يكون نفس مصير الجريدة .
و إذا كان لا يعرف السبب الذي دفعه لقراءة القصة ، فبالتأكيد لن يعرف سبب إمساكه بالقلم وشروعه في إعادة صياغة الأسطورة .
" كان صبيا عاديا .
ولم يكن هناك أي شيء يميزه عن غيره سوى أن ظروفه المعيشية خانته .
وفي الوقت الذي كان ينعم أقرانه بدفء ذويهم ، كان هو مكوما فوق التل وعينيه مرتكزة على القطيع .
لكن
ما سبب هذه الرعشة التي تزلزل جسده .
لم يكن البرد هو السبب ، فلقد مر بظروف جوية أسوء ولم يتأثر .
ما الذي جعله لا يستطيع الحراك أو حتى البكاء .
لم يكن وقوعه من أعلى التل هو السبب ، فلقد وقع كثيرا ولم يتأثر .
لقد رآه .
رأى بطل جميع القصص المفزعة التي سمعها .
وبنفسه اكتشف أن جميع هذه القصص ما كانت حتى لتقترب من وصف شكله الحقيقي .
كيف ستصف السواد الشاهب .
الأنفاس الملتهبة .
العينين المتشققة .
كيف .
الذئب – هكذا صرخ ألف مره – بكل ما أوتي من قوة صوت .
كان الصوت حادا لدرجة أقنعت الذئب بفشل خطته فابتعد .
وبعد فتره غير و جيزة أقبل أهل القرية متثاقلين لنجدة الصبي .
في المرة الأولى كان انطباع الأهالي عبارة عن أحاديث هامسة تقول انهم عهدوا بمهمة الرعي إلى صبي جبان كاذب .
أما في المرة الثانية فلم يتوانوا من الصراخ في وجه الصبي مهددينه في حالة تكرار هذه الفعلة بأنهم سيسلمونه الذئب بأنفسهم .
بخطى متهالكة كان يسير بأغنامه للمرعى ، يتأمل شروق الشمس بلهفة ، ففي كل يوم كان يقسم أن هذا هو آخر شروق سيراه .
لقد رأى نهايته في عيونهم ، كان يعلم أنهم لن يأتوا .
وبمكان غير بعيد عن المرعى ، كانت الأفكار التي تدور في رأس الذئب مختلفة تماما .
فصراخ الصبي كان منبع المشاكل عندها سيأتي أهله لنصرته هذا هو دأب كل الكائنات على وجه الأرض .
يجب إذن أن يخرس هذا الصوت .
وبحركات مكتومة هرول الذئب ملتفا من حول الصبي ، ولم يكن الذئب يهرول عبثا .
و ماهي إلا لحظات حتى كان الذئب جاثما على صدر الصبي ، وغرز أنيابه في عنقه .
ومن بين الألف صرخة المعتادة ، انطلقت صرخة واحدة فقط من أعماق الصبي .
صرخة كانت كافية لأن تجعل كل من في القرية يرفعون رؤوسهم .
لكنها لم تكن كافية لان تجعلهم ينقضوا العهد الذي أخذوه على أنفسهم بعدم نجدة الصبي أبدا .
تدلى رأس الصبي على الأرض ، كان يحس بالراحة ، لن يجرؤ أحد الآن أن ينكر زيارة الذئب للمكان .
هاج الذئب أيما هيجان ، لقد باء مخططه بالفشل ، في أي لحظة سيتواجد الأهالي .
وبعنف لم يعرف له مثيلا ، غرس أنيابه التي تقطر منها الدماء في أقصى جوف الصبي ، لم تكن غريزة الجوع هي دافعه ، كانت غريزة الانتقام .
لم تهدأ هذه الغريزة إلا عندما نهشت الجثة بالكامل إلا قليلا .
عندها أطلق الذئب ساقيه للريح ولم يعد للمكان أبدا .
لكن أفكار الذئب كانت خاطئة ، ولا يلام في هذا فتفكيره يختلف عن الإنسان .
فالأهالي لم يحضروا إلا عندما استفقدوا أغنامهم آخر النهار .
كالخُشبِ المسندة وقفوا متحلقين حول جثة الصبي .
لم يكونوا يحسون بالحزن لمصير الصبي .
ولم يكونوا يحسون بالفرح لأن أغنامهم سلمت من الاعتداء .
كانوا يحسون بالحيرة .
نعم ، الحيرة .
كيف سيواجهون القرى المجاورة والعار ملتصق بجباههم لأنهم لم يحموا ابنهم .
يستحيل أن يفتضح أمر كهذا .
يجب أن توضع نهاية لهذه الكارثة الآن .
"" لقد كنا نظن الصبي كاذبا "" هكذا تهامسوا .
رد أكبرهم قائلا :
- كاذبا ، هذه بداية جيدة للقصة الجديدة .
عندها
تغيرت كل الوقائع و الأحداث .
لقد أتقنوا الحيلة .
فالقرى المجاورة لم تصدق وحدها القصة بل البشرية كلها صدقتها ، صدقتها لدرجة انهم صنفوها من ضمن الأساطير .
ولا عزاء لذلك الصبي الذي انتهكت طفولته .
ومات ابشع ميتة .
وخلده التاريخ كأحد رموز الكذب التي نحذر الأطفال من تقليدها ."
وضع القلم جانبا واسند رأسه على الكرسي ، ثم تساءل ببلاده :
- يا ترى
ماذا لو كانت هذه هي القصة الحقيقية .
ماذا لو كان الصبي رأى الذئب فعلا .
عندها
هل ستنفع هذه الأسطورة لأن تكون قصة للأطفال بعد الآن .