الشريب
18-08-2007, 08:57 PM
يستبشر الكويتيون - وكثيرون من سكان المنطقة - في مثل هذا الموسم من كل عام بطلوع نجم سهيل في السماء (من جهة الجنوب) كبداية للانقلاب الشتوي، وما يعنيه من انتهاء حرارة الصيف، وتبدل ملحوظ في المناخ الجوي. وتشيع عند العامة الخيالات حول اثر طلوع هذا النجم في المناخ، وكأن للنجم أثرا فعليا في المناخ.
من هذا النجم؟.. وكيف جاءت هذه الفكرة السائدة؟ عرف البحارة نجم سهيل منذ ازل طويل، واعتمد عليه اليونانيون للملاحة في البحار، وخاصة الجنوبية، وكذلك العرب في الجزيرة العربية وبلاد الشام الذين اعطوه اسمه الحالي المعروف ب 'سهيل'، وقد استخدم الفلكيون العرب تعبير 'سهيل' كمقدمة لعدد آخر من النجوم، لكن اسم النجم المعني 'سهيل' استقر لهذا النجم فقط. وهو الاسم المعتمد عند علماء الفلك المحدثين، ولو ان تصنيف اسماء النجوم مر بمراحل كثيرة عبر تاريخ الفلك منذئذ، وهو معروف الآن عند الفلكيين كنجم 'لامدا فيلاروم'، اضافة الى مسميات متعددة وفق التصنيفات العالمية المختلفة، وتستخدمه حاليا وكالة الفضاء الاميركية كمرجع لتعيير اجهزة المواقع 'جي بي اس' على اقمارها بعد انطلاقها في مدار حول الارض، مثلما يستخدم نجم الشمال (البولارس) للملاحة في شمال الكرة الارضية.
ونجم سهيل يقع في مجرتنا (درب التبانة)، ويبعد نحو 575 سنة ضوئية عن الارض، وكتلته تعادل 9 - 12 مرة ضعف كتلة الشمس، وحجمه يفوق حجم الشمس بأكثر من 200 مرة، وقوة جلائه تعادل نحو 11.000 مرة مقدار جلاء الشمس، اي لو قدر للأرض ان تدور في فلكه مثلما تدور حول الشمس لكان اشعاعه يفوق 11.000 مرة اشعاع الشمس المعتاد بالنسبة لسكان الارض.. وهو امر مستحيل للحياة بالطبع.
ونجم سهيل في مراحل حياته الاخيرة، بحكم كتلته الكبيرة نسبيا، ومثل هذه النجوم لا تدوم طويلا، حيث تستهلك وقودها بسرعة فائقة، ويعتقد العلماء ان نجم سهيل الآن في مرحلة تحويل الهليوم الى كربون، وهي من المراحل الاخيرة لأي نجم، فعمر سهيل الافتراضي الحالي نحو 27 مليون سنة، ولربما يعيش لمدة مماثلة، وقد ينفجر بعدها على هيئة الانفجار الهائل المعروف باسم 'سوبر نوفا' وينتهي، او يتحول الى قزم ابيض مآله ان يحوم في الفضاء كنجم منقرض مثل مليارات بقايا النجوم السابقة.
وسهيل نجم جنوبي، حيث يرى طوال العام، ولا يرى في النصف الشمالي من الكرة الارضية الا في شهر اغسطس من كل عام عندما تبدأ رحلة الارض في مدارها الشتوي حول الشمس.
وتستحيل رؤية نجم سهيل بعد خط عرض 37 (اي بعد جنوب تركيا واليونان مثلا)، لذلك لا يعرفه السكان بعد تلك المناطق، وظهوره لسكان الشمال (حتى خط عرض 37)، لا يبدأ الا مع نهايات شهر اغسطس من كل عام. ومن هنا اشتهر هذا النجم في شمال الجزيرة العربية (منها الكويت) وبلاد الشام كمبشر لانتهاء قيظ الصيف وقدوم الخريف والشتاء، اي بداية مواسم اعتدال المناخ، فاليمنيون مثلا لا يعيرونه اهتمام اهل الشمال لأن سطوعه لا يعني شيئا لهم، كما يعني لأهل الشمال. من هنا يستبشر الكويتيون بظهور نجم سهيل، ويعبرون عن ذلك بالعامية 'دلق سهيل'، ويترقبون هذا الموسم من كل عام كوداع لقيظهم القاسي الذي يتميز به موقع الكويت عن كل مناطق الارض المأهولة تقريبا، فأهلا بسهيل.. وكل عام والجميع بخير
منقول عن جريدة الوطن اليوم بتاريخ 16/08/2007
من هذا النجم؟.. وكيف جاءت هذه الفكرة السائدة؟ عرف البحارة نجم سهيل منذ ازل طويل، واعتمد عليه اليونانيون للملاحة في البحار، وخاصة الجنوبية، وكذلك العرب في الجزيرة العربية وبلاد الشام الذين اعطوه اسمه الحالي المعروف ب 'سهيل'، وقد استخدم الفلكيون العرب تعبير 'سهيل' كمقدمة لعدد آخر من النجوم، لكن اسم النجم المعني 'سهيل' استقر لهذا النجم فقط. وهو الاسم المعتمد عند علماء الفلك المحدثين، ولو ان تصنيف اسماء النجوم مر بمراحل كثيرة عبر تاريخ الفلك منذئذ، وهو معروف الآن عند الفلكيين كنجم 'لامدا فيلاروم'، اضافة الى مسميات متعددة وفق التصنيفات العالمية المختلفة، وتستخدمه حاليا وكالة الفضاء الاميركية كمرجع لتعيير اجهزة المواقع 'جي بي اس' على اقمارها بعد انطلاقها في مدار حول الارض، مثلما يستخدم نجم الشمال (البولارس) للملاحة في شمال الكرة الارضية.
ونجم سهيل يقع في مجرتنا (درب التبانة)، ويبعد نحو 575 سنة ضوئية عن الارض، وكتلته تعادل 9 - 12 مرة ضعف كتلة الشمس، وحجمه يفوق حجم الشمس بأكثر من 200 مرة، وقوة جلائه تعادل نحو 11.000 مرة مقدار جلاء الشمس، اي لو قدر للأرض ان تدور في فلكه مثلما تدور حول الشمس لكان اشعاعه يفوق 11.000 مرة اشعاع الشمس المعتاد بالنسبة لسكان الارض.. وهو امر مستحيل للحياة بالطبع.
ونجم سهيل في مراحل حياته الاخيرة، بحكم كتلته الكبيرة نسبيا، ومثل هذه النجوم لا تدوم طويلا، حيث تستهلك وقودها بسرعة فائقة، ويعتقد العلماء ان نجم سهيل الآن في مرحلة تحويل الهليوم الى كربون، وهي من المراحل الاخيرة لأي نجم، فعمر سهيل الافتراضي الحالي نحو 27 مليون سنة، ولربما يعيش لمدة مماثلة، وقد ينفجر بعدها على هيئة الانفجار الهائل المعروف باسم 'سوبر نوفا' وينتهي، او يتحول الى قزم ابيض مآله ان يحوم في الفضاء كنجم منقرض مثل مليارات بقايا النجوم السابقة.
وسهيل نجم جنوبي، حيث يرى طوال العام، ولا يرى في النصف الشمالي من الكرة الارضية الا في شهر اغسطس من كل عام عندما تبدأ رحلة الارض في مدارها الشتوي حول الشمس.
وتستحيل رؤية نجم سهيل بعد خط عرض 37 (اي بعد جنوب تركيا واليونان مثلا)، لذلك لا يعرفه السكان بعد تلك المناطق، وظهوره لسكان الشمال (حتى خط عرض 37)، لا يبدأ الا مع نهايات شهر اغسطس من كل عام. ومن هنا اشتهر هذا النجم في شمال الجزيرة العربية (منها الكويت) وبلاد الشام كمبشر لانتهاء قيظ الصيف وقدوم الخريف والشتاء، اي بداية مواسم اعتدال المناخ، فاليمنيون مثلا لا يعيرونه اهتمام اهل الشمال لأن سطوعه لا يعني شيئا لهم، كما يعني لأهل الشمال. من هنا يستبشر الكويتيون بظهور نجم سهيل، ويعبرون عن ذلك بالعامية 'دلق سهيل'، ويترقبون هذا الموسم من كل عام كوداع لقيظهم القاسي الذي يتميز به موقع الكويت عن كل مناطق الارض المأهولة تقريبا، فأهلا بسهيل.. وكل عام والجميع بخير
منقول عن جريدة الوطن اليوم بتاريخ 16/08/2007