مشاهدة النسخة كاملة : ذكربات هناك
د.خالد الرفاعي
06-09-2008, 01:10 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحقيقة أنها لم تكن تجربة عادية أبدا !!!!
.على الأقل بالنسبة لشاب مثلي في مقتبل عمره كانت تحمل الكثير و الكثير من المعاني و المشاعر و الهواجس و الآمال و ... و .... , كانت تحمل في طياتها معنى الحياة كانت لي مشاهدات كثيرة و أحلام و أغراض . كانت تجربة إنسانية فريدة لأسباب كثيرة سوف تطلعون معي بإذن الله عليها كانت أشبه بحلم مرت سريعا لكنها تركت أثرا عميقا , و حين أتذكرها أندهش كيف جاءت و كيف عشتها و هي الآن تمر أمام عيني فأرى منها ومضات فتارة أضحك و تارة أبكي و تارة أدهش و لا أدري حتى متى أستطيع الحفاظ عليها لذا قررت سردها و لا أدري هل تستق أما لا فهي تجربة خاصة للغاية لكني أرى أني أريد أن أخطها و أطلعكم عليها و قد أغير بعض الأسماء و ربما لا أستطيع سرد كل شئ لأسباب خاصة ، لكني سوف أحاول أن أستخدم أسلوبي البسيط لأنقل لكم أكبر قدر من هذه التجربة فأرجو ن تعذروني و تتحملوا معي حتى النهاية و أرجو أن تكون هذه الكلمات ذات فائدة لكم فلا تضيع أوقاتكم هباء
بالطبع الكثير منكم قد ارتسمت ملامح الدهشة على وجهه و يسأل نفسه في دهشة ماذا يريد هذا ال ... بل أن بعضكم قد لا يعرف حتى أسمي و أرى أنه لا يشكل فارق كبير لكني سوف أميط اللثام عن جاني من التجربة التي سوف أتكلم عنها كما ذكرت آنفا هي لم تكن تجربة عادية أبدا و قد استغرقت عامان تقريبا بالطبع البعض قد يضحك فما قيمة عامان في عمر الزمن و ما هي تلك التجربة التي يريد صاحبها أن يصيبنا بدوار طوال قراءتها فأقول أيها الأعزاء أنها فترة عشتها من حياتي خارج بلادي سيقول قائل و ما الغريب في ذلك فهناك الملايين ممن تركوا بلادهم و سافروا للخارج و قد تكون لهم تجارب أكثر نجاحا وقوة و خاصة أنك عدت بخفي حنين و لم تكن تجربتك ذات فائدة مادية كبيرة فأقول لم لا تنتظر أخي الحبيب حتى تنتهي من قراءة تلك الذكريات ثم لتترك الحكم مع آخر سطر تقرأه فلا تتعجل و ربما تجد في تلك الكلمات ما يفيدك سوف أحاول أن أنقل كل ما شعرت به في تلك الفترة و أجعلك تعيش التجربة حية تتمثل أمامك .
و منذ هذه اللحظة قررت أن أصحبكم في رحلتي الخاصة فهي قدري و قدركم و قد أسميتها (( ذكريات هناك )) حول تجربة عملي في المملكة العربية السعودية فآسف على هذا الصداع الذي سوف أسببه لك و نصيحتي لك كصيدلي الحرص على حبوب الباندول طوال الفترة القادمة خاصة مع رفيق ثرثار مثلي فلا تنسى .
خالد الرفاعي
15/6/2008
-= pink =-
06-09-2008, 01:44 AM
اخي الكريم د.خالد الرفاعي
يسعدنا طرحك لذكرياتك
وسردك لجزء من تفاصيل حياتك ..
فنحن بانتظار هذه الذكرات على احر من الجمر
:)
طير سارة
06-09-2008, 02:11 AM
الحقيقة أنها لم تكن تجربة عادية أبدا !!!! .
بالطبع الكثير منكم قد ارتسمت ملامح الدهشة على وجهه و يسأل نفسه في دهشة .
هذه اللحظة قررت أن أصحبكم في رحلتي الخاصة فهي قدري و قدركم (( ذكريات هناك )).
خالد الرفاعي
15/6/2008
:eek: في انتظار الجزء الاول منها :rolleyes: وقد حجزت تذكرة درجة اولي >> بس لا تتأخر :)
تحياتي
د.خالد الرفاعي
06-09-2008, 02:58 AM
بداية مملة ..... لابد منها !! (1)
جئت للدنيا كما يأتي غالب الأطفال و كانت ولادتي طبيعية و الحمد لله بالطبع لا أتذكر الكثير عن تلك الحقبة لأني كنت صغيرا جدا !!!!!!!!!!
الحقيقة أنني حين قررت الكتابة عن فترة عملي خارج مصر تحيرت من أين أبدأ و قد وجدت أنه لابد للقارئ الكريم من أن يعيش التجربة كما عاشها صاحبها بالضبط لذا كان لابد من بداية قد تكون مملة قليلا لإعطاء الجميع خلفية عن مبرراتي للسفر في هذا الوقت و حتى يفهم كل من يطلع على تلك الكلمات تصرفاتي في العديد من المواقف و فلسفتي الخاصة للتعامل مع مسألة السفر لذا فأنني مضطر لأن أصحبك أيها الحبيب في رحلة سريعة لتتعرف على كاتب تلك الكلمات ، الحقيقة أنني نشأت في أسرة متوسطة عادية من أصل طيب فأبي – رحمه الله – كان محاسبا عمل فترة من عمره في الكويت و عاد إلى مصر بسبب حرب الخليج و التي حضرت أحدائها حيث أنني كنت في زيارة لوالدي في ذلك الوقت ربما أكتب ن تلك التجربة ذات يوما من الأيام ، أما أمي فهي مهندسة كهرباء و لي أخ يصغرني بعام واحد فقط و هو طبيب بيطري .
المهم و حتى لا نطيل النفس في هذا الأمر تلك كانت و لا تزال أسرتي و منذ صغري قرر والدي إلحاقي بمدارس اللغات فقد كانت في وقتها أفضل مدرسة في مدينة المنصورة , و لا أستطيع أن أنكر أبدا فضل والدي رحمه الله -بعد الله سبحانه و تعالى – علي في شد أزري و الحرص على دراستي و حبه الشديد لي و الذي سوف يتضح من خلال ما سوف أقصه عليكم و ربما لم أتفهم قسوته علي في كثير من الأحيان إلى بعد رحل عن الحياة رحمه الله . و قد دخلت المدرسة في فترة الحضانة طفلا صغيرا وغادرتها بعد انتهاء المرحلة الثانوية شابا يافعا ، ثم التحقت بكلية الصيدلة و التي سوف ندردش حولها قليلا . في الحقيقة أنني مثل المئات من أبناء وطني لم أختر مجال عملي لأني أحبه بل اخترته بسبب المجموع الذي حصلت عليه في الثانوية العامة علما بأنه كان يحق لي الالتحاق بكليات أخرى أحب إلى قلبي مثل كلية الهندسة فقد كنت و منذ صغري بارع للغاية و هذا من فضل الله علي في مادة الرياضيات و قد أشاد كل من درس لي تلك المادة بمستواي فيها و كنت بفضل الله قادر على حل أصعب المعادلات الرياضية لكن إرادة الله شاءت بعد مناقشات و مداولات كثيرة أن ألتحق بكلية الصيدلة و التي أقول لكم بكل صراحة أن مجال دراستها لم يستهويني كثيرا !!!!!!!!! .
المهم يا شباب أني أصبحت طالب في كلية الصيدلة و منذ اللحظات الأولى قررت أن أشترك في أنشطة الكلية حتى أفرغ الطاقة الداخلية الهائلة التي بداخلي فكنت عضو في اتحاد الطلبة و قمت بتنظيم العديد من الرحلات و حفلات الكلية و أنشطة أخرى كثيرة كنت كما يقول الشباب الآن عايش حياتي ثم حدث انقلاب هائل في حياتي ليس مجال تفصيله الآن لكن المحصلة النهائية أني أطلقت لحيتي و أصبحت لي اهتمامات أخرى ( و لا أريد الناس أن تفهم أن إطلاق اللحية كان هو التغيير فما اللحية إلا جزء من الدين بل كان التغيير و إن شئت قلت انقلاب في تصوراتي و أهدافي و طموحاتي ، انقلاب في كل شئ ) فقد اكتشفت فجأة أنني لست على الطريق و أن حياتي ليس لها معنى و أن حقيقة أسمها الموت لم ألقي لها بالا قط و أشياء أخرى لعلي أقصها لاحقا و كأنني الآن أبصر هذا الشاب الروش الذي دخل كلية الصيدلة ناقما عليها و قد قرر أن تكون رحلته معها عابثة فإذا به يخرج بغير الوجه الذي دخل به .
اللطيف في الأمر أني حصلت على تقدير جيد و هذا الأمر له قصة لطيفة ففي السنة الأولى حصلت على تقدير جيد و كان والدي في غاية الضيق فالمفترض أني كنت طالبا متفوق ثم حدث أنني لم أرى هذا التقدير مرة أخرى على دار الثلاث سنوات التالية بل كان تقديري هو المقبول المتعارف عليه فلما من الله علي بالهداية قررت أن أغير هذا الوضع و أن أحصل على تقدير في السنة الأخيرة و لا أخفيكم سرا أنه كان أمرا شاقا و لكني حصلت على تقدير جيد فكان مجموع التقديرات على مدار السنوات الخمسة جيد و لقد ضحكت كثيرا يوم النتيجة لما رأيته من ملامح الدهشة التي ارتسمت على وجوه الكثيرين و هم يطلعون على تقديري العام و الذي لم يكن متوقعا أبدا .
انتهت سنوات الكلية بحلوها و مرها و بقيت منها عشرات الذكريات و وجدت نفسي في مواجهة الحياة للمرة الأولى فبعد 18 عاما من الاعتماد على أسرتك تجد نفسك فجأة مطالب بأن تعمل و تتحمل مسئولية نفسك أضف إلى ذلك أن قررت أن ترسم خطا محددا في الحياة و أصبحت لك أهداف و طموحات كبرى و زينت وجهك لحية كثة و لم يكن الأمر سهلا بالمرة و كان علي أن اتخذ العديد من القرارات لكن هذا الأمر يحتاج لحديث آخر في وقت لاحق و قد أطلت النفس طويلا في تلك المقدمة التي قلت لكم أنها قد تكون مملة لكن لابد منها فإلى لقاء قريب .
طير سارة
06-09-2008, 03:20 AM
الاخ / الدكتور خالد الرفاعي
بداية مشوقة >> لنتابع فصولها لعل وعسى ان يجد احداً تجربة مقدمة إليه على طبق من ذهب
فيتجنب الاخطاء اللتي وقعت بها فتكون بذالك قد وفرت عليه المعناة >> وتكون زكاة لك في مشوارك
الجديد >> الله يوفقك ويجزيك الف خير
متاااااااااابع >> اكمل لا عدمناك :)
تحياتي
i love cats
06-09-2008, 03:34 AM
بدايه حلوه اخوي ..:)
بانتظار البقيــه ...
مشكوور اخوي :o
د.خالد الرفاعي
06-09-2008, 09:31 AM
اخي الكريم د.خالد الرفاعي
يسعدنا طرحك لذكرياتك
وسردك لجزء من تفاصيل حياتك ..
فنحن بانتظار هذه الذكرات على احر من الجمر
:)
أنا الأسعد لهذا المرور الكريم و جزاكم الله خير الجزاء
الاخ / الدكتور خالد الرفاعي
بداية مشوقة >> لنتابع فصولها لعل وعسى ان يجد احداً تجربة مقدمة إليه على طبق من ذهب
فيتجنب الاخطاء اللتي وقعت بها فتكون بذالك قد وفرت عليه المعناة >> وتكون زكاة لك في مشوارك
الجديد >> الله يوفقك ويجزيك الف خير
متاااااااااابع >> اكمل لا عدمناك :)
تحياتي
بارك الله فيك أيها الكريم و كل عام و أنت بخير
بدايه حلوه اخوي ..:)
بانتظار البقيــه ...
مشكوور اخوي :o
مشكور أخوي على المرور
تقبل الله منك طاعتك في رمضان
د.خالد الرفاعي
07-09-2008, 12:19 AM
الخريطة و المنطقة و .... أشياء كثيرة !! (2)
الخريطة ليست المنطقة أو إن الخريطة هي إدراكك بينما المنطقة هي الحياة ….. أطلق العالم الرياضي "الفرد كورزبسكي " هذا التعبير لوضع التأكيد على أن الإدراك غير الواقع بذلك تطرق كورزبسكي إلى نقطة أساسية ، إلا وهي أنه بتغير إدراكك لموقف ما، تتغير نظرتك للواقع من حولك. أي أنه هناك فارق كبير بين ما تراه و تظنه و بين الواقع من حولك. هل فهمت أيها الحبيب شئ مما سبق ؟؟؟!!!!!
مرحبا بك أيها العزيز مرة أخرى ضيفا كريما على ذلك الركام من الذكريات و أجو ألا يكون قد أصابك الضجر مبكرا فمازلنا في البداية و الأمر سوف يطول فأرجو أن تخرج بفائدة و ألا يضيع و قتك الثمين هباء و أنت تقرأ تلك الكلمات و أنت تحتملني فلقد صارت بيني و بينك علاقة حميمة فلا تمل مني و تحملني قليلا . كنا قد توقفنا في المرة الماضية عند خروجي إلى الواقع الحقيقي و بين ما اعتقده و ما هو قائم بالفعل من حولك باختصار شديد بين أحلامك و بين و تصورات و قيم المجتمع من حولك فالحقيقة أنها كانت مفاصلة تامة و كان لابد من العثور على حل لتجاوز تلك العقبة . أظن أن كلامي اليوم يبدو مبهما بداية بمسألة الخرائط و المناطق مرورا بالمفاصلة لكن كما قال الأولون إذا عرف السبب بطل العجب , الحقيقة أيها الشباب أن هذا التمهيد الذي أكتبه و قد يستغرق حلقة أخرى و ربما أكثر الغرض الرئيسي منه هو أن تعيش معي التجربة كاملة و أن تتنفس معي هذا لأجواء التي أحاطت بي قبل السفر وفتلك المرحلة سكون عامل أساسي في كل تصرفاتي و انفعالاتي أثناء فترة عملي خالاج البلاد التي أظنها كانت شيقة . للآسف أيها الشباب أننا نفتقد و بحق لبيئات تربوية و إرشادية تستطيع أن تشكل لدينا الوعي الكامل لمواجهة أنواء و تقلبات الحياة و لا يمكن أبدا إذا كنا منصفين إلا أن نقول أن الواقع من حولنا يعيش شكل من أشكال الجاهلية سواء كانت الثقافية أو الدينية أو الخلقية أو التعليمية و الخلاصة أنها جاهلية في كل شئ و المقصود بهذا اللفظ هي الجاهلية التي و صف بها الرسول صلى الله عليه و سلم الصحابي الجليل أبا ذر الغفاري حين قال له (( إنك امرؤ فيك جاهلية )) المقصود أننا و حين ننظر للواقع الذي نشأنا فيه نجد أننا و منذ نعومة أظفارنا للآسف لم نتربى في أوساط إسلامية بما تحمله الكلمة من معنى بل الواقع أن العالم الآن إلا ما رحم الله يمضي حثيثا إلا هوة خلقية و عقدية واضحة لا ينكرها إلا معاند و قد انحطت الثقافة الغربية إلى الحضيض و تحولوا في عديد من ممارستهم اليومية إلى بهائم في طريقة تعاملهم مع شهواتهم . اعذرنب إن كنت قد أثقلت كاهلك أيها الكريم بما جعلتك تقرأه لكن حتى نستطيع أن نتغير يجب أن ندرك تماما كيف يدور العالم من حولنا أنني و قد عملت فترة من الزمن في حقل الدعوة الإسلامية و إن كانت تجربتي كانت قصيرة أشبه بطفل يتعلم كيف يحبو إلا أنها و لغرض لا يعلمه إلا الله كانت غنية للغاية فقد اقتربت كثيرا من مختلف الفصائل الإسلامية العاملة في حقل الدعوة الإسلامية و قد رأيت - و هو رأي خاص بالطبع – أن غالب تلك لفصائل و الجماعات إن لم تكن كلها تفتقد وجود المربي الحقيقي حتى وإن تناثر في كتب تلك الجماعات على اختلاف مشاربها الحديث حول وجود المربي و دور التربية الإسلامية في حركة البعث الإسلامي المأمولة, نعم هناك بعض المحاولات الفردية الجادة لكن لا ترقي و لا تقارب أبدا ما كان عليه الرسول صلى الله عليه و سلم مع أصحابه و لا سلفنا الصالح مع طلبتهم .
بالطبع أنت تتساءل الآن عن علاقة ما سبق برحلة السفر فأقول أيها العزيز أنني كنت قد اتخذت قرار الالتزام و نبذ أفكاري السابقة التي ليس لها علاقة بمراد الله مني و من البشر و قد عشت فترة من عمري أتقلب بين صفحات الكتب و الأفكار و الفلسفات فقد كانت هواية القراءة و المطالعة هي شغلي الشاغل فما وجدت في تلك الكتب ما يسد الرمق و لا يشبع حالة الجوع العاطفي التي كانت تنتابني حتى أبصرت الطريق . حينها أدركت أنه لا يوجد أشرف و لا أعظم من العمل و التضحية لدين الله و لا يعني هذا أبدا نبذ الدنيا وراء ظهورنا بل إن أسمى المطالب هو تطويع هذه الدنيا لخدمة الدين و لكن كيف ؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!
إن المشكلة التي واجهتني بعد التخرج كانت الفارق بين ما أريده و بين الواقع فالواقع كان بالنسبة لي خريطة صغيرة فلما خرجت إلا هذا الواقع و أبصرته عن كثب و جدت أن الخريطة ليست أبدا هي المنطقة بل الآمر مخالف تماما فعندما تتخرج و تترك المرحلة الجامعية لتستقبل الميداني العملي للحياة تُلقى عليك مسئوليات و أعباء كثيرة فلم تعد ذلك الصبي الذي يبسط يده لوالده ليعطيه المصروف اليومي بل أنت الآن رجل مسئول تريد أن تبني مستقبلك بيدك و تحفر الطريق وحدك تريد أن تكون أسرة كبيرة و تريد أشياء كثيرة قد تصطدم مع أحلامك التي طالما عشتها حول العمل الدعوي و الاشتراك في حركة البعث التي طالما روادك في منامتك .
أرى أننا قد خرجنا عن الموضوع قليلا لذا فأننا نعود مرة أخرى لنستكمل الأحداث. لقد مررت أيها الحبيب بعدة المراحل بعد التخرج ففي المرحلة الأولى و التي تليت التخرج مباشرا كان شغلي الشاغل هو إنهاء مسألة الجيش و قد استغرق الأمر حوالي ثلاث شهور و لم يكن يجول في خاطري في تلك الفترة أي من الكلمات التي أرهقتك أيها القارئ العزيز بقراءتها في الفقرات السابقة . فلما انتهت تلك الفترة و حصلت على تأجيل من الجيش بفضل الله بدأت العمل بأحد الصيدليات الكبرى في مدينتي و كانت داخل الجامعة و هي تخدم في الأصل العاملين بالجامعة و قد يسر لي هذا المكان ممارسة أنشطتي الدعوية و لكني لم أحبه فأنا لا أستطيع الجلوس في مكان مغلق لفترات طويلة فهذا يصبيني بالملل و إن أشد الأعمال علي فعلا هي تلك المهنة و أنا حين اخترت كلية الصيدلة بعد أن عجزت عن الالتحاق بكلية الهندسة فوجدت أن كلية الصيدلة أقرب لقلبي من دراسة الطب الذي كان من الممكن أن ينغص علي حياتي لذا اخترت كلية الصيدلة و كانت عيني مسلطة على العمل كمندوب دعاية في شركات الأدوية و لما أطلقت لحيتي وجدت أن هذا الأمر تبخر تماما لأني كنت أعلم أن مسألة اللحية مرفوضة تماما في شركات الدواء لكن حدث ما لم أكن أتوقعه و كان هذا منعطف آخرفي حياتي فقد كان العمل في الصيدلية كفيلا بإصابتي باكتئاب و كنت بالفعل على حافة الانهيار فلا عائد مادي مرجو و لاأنا الشخص الملتزم الذي عرفته و اخترت أن أكونه قبل التخرج.
وإذا بمفاجأة جديدة لكن لهذا الأمر قصة مجالها في مرة قادمة أرجو أيها العزيزأن أراك حين أبدأ في سردها........
i love cats
07-09-2008, 02:49 AM
اكمــال جميـــل اخــوي ...:):)
وبانتظار المزيــد..:o
تقبل مروري اختكـ:i love cats :o
Capt.HuSsEiN
07-09-2008, 03:11 AM
فعلاً كثيراً ما تفاجئنا حياتنا بمنعطفات لم نكن نتوقعها
فنضطر لتغير بعض الخطط
---
مع اننا في بداية الرحله الا انك اخذتنا مع ذكرياتك
و جعلتنا نتطلع لاستمرارك بسرد حديثك
لنستفيد من تجاربك
و شكراً جزيلاً لك اخي د.خالد الرفاعي
طير سارة
07-09-2008, 03:31 AM
اخي العزيز / الدكتور خالد
لك مني من الكلمات اجلها
ومن التحيات اجملها
فلن نزداد إلا شوقاً ولن يعرف الملل لنا طريق
فالكلمات التي تخرج من القلب :rolleyes: لا تسكن إلا بالقلب :)
دمت في رعاية الله وبأنتظار التكملة
تقبل فائق تحياتي :)
د.خالد الرفاعي
07-09-2008, 08:43 AM
اكمــال جميـــل اخــوي ...:):)
وبانتظار المزيــد..:o
تقبل مروري اختكـ:i love cats :o
جزاكم الله خير الجزاء أختي الكريمة على المرور و بإذن الله تكون تجربتي مفيدة للجميع
[COLOR=Blue]و شكراً جزيلاً لك اخي د.خالد الرفاعي
الشكر لك أخي الحبيب على هذه المشاركة الكريمة
اخي العزيز / الدكتور خالد
لك مني من الكلمات اجلها
ومن التحيات اجملها
فلن نزداد إلا شوقاً ولن يعرف الملل لنا طريق
فالكلمات التي تخرج من القلب :rolleyes: لا تسكن إلا بالقلب :)
دمت في رعاية الله وبأنتظار التكملة
تقبل فائق تحياتي :)
مشاركة رائعة و تشجيع متميز
د.خالد الرفاعي
07-09-2008, 09:14 AM
بكل بساطة كان يجب أن أسافر (3)
لكل هذه الأسباب الظاهرة الواضحة و ربما لغيرها مما خفي عني لحكمة إلهية قد غابت عني كان يجب علي أن أسافر !!!
مرة جديدة أرحب بك أيها العزيز ضيفا على ذكرياتي المتواضعة و أرى أني قد أثقلت رأسك في المرة السابقة و استخدمت العديد من الرموز و المصطلحات مما جعلك تصاب بالدوار فاعذرني على هذا و أنا كفيل بإماطة اللثام عن كل ما أبهم في المرة السابقة قبل أن ندخل في التفاصيل الجديدة .
الحقيقة يا أخي أنني مررت بمرحلتين في فترة الدراسة الجامعية المرحلة الأولى كانت مرحلة الضياع الفكري و التشتت بين ما يصدره لنا الغرب من تجربته الخاصة التي جعلته يتقدم في شتى ميداين الحياةالبشرية و إن كان قد انحدر في مجال القيم و الأخلاق إلى مرتبة البهائم و في المقابل معلوماتي الضئيلة حول ديني و التي لا تتعدى بعض القراءات البسيطة و التي يغلب عليها السطحية الشديدة في تناول قضايا الإسلام الكبرى . ثم فجأة حدث في الإجازة الصيفية و بعد مرور ثلاث سنوات من بدء الدراسة الجامعية أن أبصرت النور و كما ذكرت فإن هذه الذكريات التي أخطها سوف تتحدث عن فترة عملي خارج مصر فلا داعي لإطالة النفس في أحداث التزامي و عودتي إلا طريق الحق غاية ما هناك أني أبصرت الطريق فإذا الله سبحانه و تعالى قد مهده لنا تمهيدا و يسره لنا و إذا هو طريق العزة و المجد و الشرف لمن أراد أن يتبوأ تلك المكانة السامقة لكن .......... في المقابل هو طريق التضحيات و البذل الذي لا حدود له و قد كان الأمر سهل يسير في مرحلة الدراسة فلا أنا ملزم بنفقة و لا أنواء الحياة و تقلباتها تشغلني لكن بعد التخرج وجدت أن الأمر أكبر من ذلك فرؤيتي و أفكاري الخاصة حول الحياة تصطدم مع الواقع فإن البذل و التضحية و كل المعاني النبيلة التي عشتها قد يكون ثمن السعي وراءها هو خسارة الدنيا بكل ما تحمله الكلمة و في المقابل فإن الدنيا أيها الحبيب لم تكن مقبلة بهذه الصورة خاصة مع شاب ملتحي مثلي فأنت تعرف كم التضييق الذي يواجههالشاب عامة للحصول على عمل كريم فما بالك بأمثالي ثم أنني عملت فترة في مجال لا أحبه مما جعلني أبتعد كثيرا عن أحلامي السابقة التي كنت أصبو إليها فأصبحت أنكر نفسي التي بين جوانحي فليست هي تلك الصورة الوضاءة التي عرفتها في الجامعة في مرحلة التزامي و بينما أنا في تلك الحالة حدثت مفاجأة سارة .
قابلت أحد أصدقائي و سوف أرمز له ب ( ت.ر ) و كان يقضي فترة الخدمة في الجيش فشكوت له حالي فقال لي أن أحد شركات الأدوية الكبرى لا تمانع في وجود ملتحين بين جنابتها و لا يمكنك أبدا يا صديقي القارئ أن تتخيل مدى سعادتي بهذا الأمر فبحثت عن الطريقة المثلى للتعرف على مدير مكتب المدينة التي أعيش بها فكانت مفاجأة أسعد حيث أن أحد الدعاة الشباب و هو صديق لي يعرف هذا الرجل معرفة جيدة حيث أنه كان زميله في المرحلة الدراسية, فكلمه بشأني و مرت الأحداث سريعا و وجدت نفسي أحمل الحقيبة و أخوض هذا المضمار الذي أحبه فإذا بهمتي تعلو مرة أخرى فعدت لممارسة أنشطتي الدعوية و زاد حبي لتلك الأعمال , و لن أنسى أبدا اليوم الذي تركت فيه عملي في الصيدلية و كأني حصلت على إفراج من سجن رهيب نعم كان مدير الصيدلية شخص لطيف و كانت الأمور جيدة لكني لم أتحمل تلك المهنة فقد شعرت و هذا رأي خاص أنها مهنة تقتل الإبداع فلا جديدفيها عمل رتيب يومي مكرر لا تقدم فيه و ليعذرني الأخوة الصيادلة على رأي هذا .
لكن تأتي الرياح بما لا يشتهي السفن. و سوف أذكر هنا في عجالة جانب من علاقتي بأبي الحبيب رحمه الله , يجب أن تعرف أيها الأخ الكريم أن أنني كنت أحب أبي للغاية و إن اختلفنا في كثير من الأشياء فقد كان رحمه الله عاطفي للغاية شديد الغضب يعشق مساعدة الآخرين و كان فيه الكثير من الصفات الحميدة ربما أبرزها هو حبه و تفانيه في تربية أولاده حتى قضى نحبه رحمه الله في سبيل هذاو سوف يأتي ذكر هذا لاحقا , و لم يعكر صفو تلك العلاقة إلا مسألة واحدة و هي إعفائي للحيتي فقد كانت سببا في صراع مرير طويل و كنت أشفق على أبي لأنه مريض بالقلب و في نفس الوقت لم أستطع أن استجب لطلبه في هذه المسألة و كان هذا الصراع أعنف من كل التصورات التي قد تدور بخلد القارئ الآن و كان هذا ينغص علي الدنيا بأكملها و يصيبني أيضا بإحباط و لقد أستمر هذا الصراع ثلاث سنوات كاملة مما جعلني أعجز عن الحركة لخدمة ديني و حتى مع العمل الجديد و بدايته المشرقة طفا هذا الصراع على سطح الأحداث مرة ثانية , وهنا ظهرت فكرة السفر للمرة الأولى.
لي خال يعمل منذ حوالي 25 عام في المملكة العربية السعودية كاستشاري جراحة و قد عمل في العديد من المستشفيات الكبرى و انتهى به المطاف في مستشفى الملك فهد التخصصي ببريده و هي عاصمة إمارة القصيم و سوف يكون هذا المكان هو محور الذكريات التي نحن بصددها . كان خالي في مصر لقضاء الإجازة الصيفية فسألته للمرة الأولى عن رؤيته الخاصة حول عمل الصيادلة في السعودية فلم يرحب خالي بفكرة العمل في الصيدليات الخاصة و رأى فيها شكل من أشكال الاستغلال فسألته عن عمل المستشفيات فرحب بهذا الأمر و مدحه لكن أشار إلى مسألة الخبرة التي تنقصني و طلب مني إعطاءه السيرة الذاتية و أنه سوف يقوم بمحاولة و يرد علي . بكل بساطة أيها الحبيب كان يجب أن أسافر لأسباب كثيرة منها أنني شعرت بأنني لا أحقق ذاتي لا في مجال العمل و لا على صعيد الالتزام و قد فكرت مليا في مسألة العمل في المستشفيات لأنها تعطي الكثير من وقت الفراغ الذي يمكن للإنسان إذا أحسن استغلاله أن يحقق الكثير مما يربو إليه أضف إلى هذا شهرة منطقة القصيم بالأجواء العلمية فهي موطن الشيخ السعدي و الشيخ ابن العثيمين وهي تعج بطلبة العلم , أضف إلى ذلك فرصتي لحج بيت لله الحرام و لا يمكن أبدا أن أغفل أحد أهم أسباب فكرة السفر و هو الصراع مع والدي و الذي كنت أحبه و أخشى عليه و كان رحمه الله يشعر أنني سوف أتعرض لمصيبة رهيبة في القريب العاجل .
عند عودة خالي إلى عمله أجرى العديد من المحاولات لاستقدامي و الحصول على عقد عمل مناسب لي في نفس المستشفى التي يعمل بها لكن باءت تلك المحاولات بالفشل لصغر مدة خبرتي و كان لدى مدير الصيدلية تحفظ على عمل المصريين لأسباب كثيرة سوف أذكرها لاحقا و كان قد مضى على محاولاته تلك ثلاثة شهور ثم فوجئت به يتصل بي ذات يوم ليخبرني أن مدير الصيدلية قد وافق لكن المشكلة أنه لا توجد فيزا صيدلي و مشاكل أخرى فنية لكني وافقت فقد كان الصراع الذي يدور بداخلي على أشده و قد أُضيف لكل هذا أنني تقدمت لخطبة أحد الفتيات عندما ظننت أني أوشكت على السفر و باء الأمر بالفشل و كانت غلطة رهيبة فلم تكن تصلح لي لا لعيب في دينها و لكن أسباب أخرى و أنا أحمد الله أن هذا الأمر لم يتم و الحمد لله على أشياء قد نكرهها في وقتها ثم نكتشف بعد ذلك أن فيها من الخير الكثير ما لا يمكننا أن نحصيه.
انتظرت أن يخبرني خالي بتفاصيل أكثر حول الموضوع لكن الأمر هدأ و عرفت أن تلك المحاولة باءت بالفشل أيضا لأسباب فنية و قد حمدت الله كثيرا بعد ذلك فقد كان هذا العقد فيه أضرار كثيرة كانت من الممكن أن تمنعني من إحضار والدتي لأداء الحج و كأنها قصة الخضر عليه السلام مع نبي الله موسى فالسفينة تُخرق و الطفل يُقتل و نحن نرى في هذا سوء و أمر لا يمكننا تقبله فإذا هي الرحمة و الخير كله و كما قلت الخريطة ليست دائما هي المنطقة . مرت عدة شهور و عاد خالي ليقضي بعض الأشياءالخاصة في مصر و في أحد الأيام رأى لي رؤية جميلة فلما استيقظ من النوم تحدث إليه مدير شئون الموظفين في الشركة المسئولة عن المستشفى و أخبره بأن الفيزا الخاصة بي توجد الآن في أحد مكاتب القاهرة و ما علي إلا التوجه للحصول عليها . و في اليوم المحدد ذهبت للمكتب للحصول على الفيزا الخاصة بي و أريد هنا أن أوجه عناية الكثير من الشباب أن بعض تلك المكاتب تمتهن النصب بأشكال مختلفة فقد كانت التأشيرة موجودة باسمي و لم تكن هناك أي حجة لدى المكتب لتعطيل أوراقي لكني شعرت بأمر غريب في نفسي منذ اللحظة الأولى لدخولي هذا المكتب فقد طلبوا مني أن أملي استمارة و هذا أمر مضحك فالتأشيرة موجودة فعلا لكني أجبت طلبهم و أنا أشعر بالغيظ ثم قالوا لي أن هناك مقابلة فأخبرتهم أن التأشيرة باسمي ثم من هذا الذي سوف يجري معي المقابلة ؟!, فوجدتها سيدة متبرجة فأشحت عنها بوجهي و جلست و أن متأفف لهذا النصب المباشر فلم يكن لتلك السيدة أي خلفية علمية أبدا و علمت أن المكتب يريد الحصول مني على مبلغ زائد من المال و هذا ليس حقهم فالتأشيرة باسمي فعلا و كان ظني صادقا فقد أخبرتني أنه لم يمر على تخرجي عامان فكيف أسافر فأخبرتها أن أوراقي في السعودية أصلا و هم أدرى منك فقالت لي لا تقلق سوف نحل لك تلك المشكلة !!!!!!!!
عدت إلى مدينتي و الغيظ يملأ قلبي و كان خالي قد عاد للسعودية و أخبرته بما جرى فطمأني و وعد بحل المشكلة . مرت عدة أسابيع دون أي أخبار جديدة و بينما أقود سيارتي ذات يوم جاءني اتصال من المكتب التقطت جهاز المحمول لأجيب المكالمة فسقط من يدي في انحنيت لالتقطه و عندما عدت مرة أخرى كان أمامي سيارة و كانت سرعتي عالية جدا دست على مكابح السيارة بكل ما أملك من قوة و أدرت مقود السيارة و .....
أعتقد أني لا أستطيع أن أكتب أكثر من هذا اليوم فإذا أردت أن تكمل معنا ما حدث فكن معنا المرة القادمة .
طير سارة
07-09-2008, 03:54 PM
متاااااااااااااابع :)
تحياتي
أمير البحار
07-09-2008, 08:37 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
مشكوووووووووووووووووووووووووووور
مشكوووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووور
مشكووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووور
مشكوووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووورين
ادراج ممتاز يستحق الشكر و الثنــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاء
في انتظار جديدك
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
ألف مبروك .. لقد سعدت بهذا الموضوع
و لا تنسى اننا ننتظر جديدك
نرجوا منك هذا دائما
تقبل مروري
تحياتي،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
أمير البـــــــ.......حار
((**&&$$##@تخصص علم سمك و أحياء مائية عذبة ومالحة@##$$&&**))
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
@@@@@@@@@@@@@@@@@@
@@@@@@@@@@@@@@@@
@@@@@@@@@@@@@@@
@@@@@@@@@@@@@@
@@@@@@@@@@@@
@@@@@@@@@@@
@@@@@@@@@@
@@@@@@@@@
@@@@@@@@
@@@@@@@
@@@@@@
@@@@@@
@@@@@
@@@@
@@@
@@
@
طير سارة
07-09-2008, 09:36 PM
الخريطة و المنطقة و .... أشياء كثيرة !! (2)
الخريطة ليست المنطقة أو إن الخريطة هي إدراكك بينما المنطقة هي الحياة ….. أطلق العالم الرياضي "الفرد كورزبسكي " هذا التعبير لوضع التأكيد على أن الإدراك غير الواقع بذلك تطرق كورزبسكي إلى نقطة أساسية ، إلا وهي أنه بتغير إدراكك لموقف ما، تتغير نظرتك للواقع من حولك. أي أنه هناك فارق كبير بين ما تراه و تظنه و بين الواقع من حولك. هل فهمت أيها الحبيب شئ مما سبق ؟؟؟!!!!!
لقد كان الوالد رحمة الله ينطلق في رفضه لك لاطلاق اللحية من هذه النظرية :rolleyes:
فهو يتكلم ويرفض بخبرة السنين >> و هي الحياة :rolleyes:
وانت ترفض الفكرة متمسكاً بمبداً الخريطة :rolleyes: وهو عنفوان الشباب
و اعتقد انه كان صائباً فيما ذهب إليه ( وجهة نظر >> آمل تقبلها )
تحياتي :)
مشكور واحنا هنا لقرات جميع ذكرياتك
i love cats
08-09-2008, 02:40 AM
مشكووووووووور اخوي ادراج مميز:o.......ونحن بانتظار التكملــه :):)
تقبل مروري اختك:i love cats :)
د.خالد الرفاعي
08-09-2008, 10:31 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
مشكوووووووووووووووووووووووووووور
مشكوووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووور
مشكووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووور
مشكوووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووورين
ادراج ممتاز يستحق الشكر و الثنــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاء
في انتظار جديدك
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
ألف مبروك .. لقد سعدت بهذا الموضوع
و لا تنسى اننا ننتظر جديدك
نرجوا منك هذا دائما
تقبل مروري
تحياتي،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
أمير البـــــــ.......حار
((**&&$$##@تخصص علم سمك و أحياء مائية عذبة ومالحة@##$$&&**))
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
@@@@@@@@@@@@@@@@@@
@@@@@@@@@@@@@@@@
@@@@@@@@@@@@@@@
@@@@@@@@@@@@@@
@@@@@@@@@@@@
@@@@@@@@@@@
@@@@@@@@@@
@@@@@@@@@
@@@@@@@@
@@@@@@@
@@@@@@
@@@@@@
@@@@@
@@@@
@@@
@@
@
جزاكم الله خير الجزاء على هذا الثناء الكريم الذي لا أستحقه مشاركة رائعة
لقد كان الوالد رحمة الله ينطلق في رفضه لك لاطلاق اللحية من هذه النظرية :rolleyes:
فهو يتكلم ويرفض بخبرة السنين >> و هي الحياة :rolleyes:
وانت ترفض الفكرة متمسكاً بمبداً الخريطة :rolleyes: وهو عنفوان الشباب
و اعتقد انه كان صائباً فيما ذهب إليه ( وجهة نظر >> آمل تقبلها )
تحياتي :)
طبعا الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية :D
لكن أخي الحبيب هذه القاعدة تصلح لأمور الدنيا التي لا توجد حولها نصوص قطعية أما إن جاء الأمر من رب البرية فهذه القاعدة تنهار تماما فالقاعدة في التعامل مع ما جاء عن الله و رسوله الخريطة هي المنطقة أرجو أن تتقبل رأي أخي الحبيب :)
مشكور واحنا هنا لقرات جميع ذكرياتك
جزاكم الله خيرا و أتمنى أن تكون مفيدة
مشكووووووووور اخوي ادراج مميز:o.......ونحن بانتظار التكملــه :):)
تقبل مروري اختك:i love cats :)
بإذن الله أختنا الكريمة و مشكورة على المتابعة و التعليق
د.خالد الرفاعي
11-09-2008, 01:22 AM
إلى اللقاء (4)
كم أنت غالي يا وطن فيك الذكريات و الأحلام و الأيام السعيدة و الأهل فيك الطفولة البريئة كم ضحكت و كم بكيت و شريط الذكريات يمر سريعا فأجد الدموع تنهمر من مقلتي لكن للآسف...... كان يجب أن نفترق.
هانحن نلتقي مرة أخرى يا صديقي العزيز و أرى أنك لم تمل مني بعد فمرحى بك مرة بعد مرة صديقا عزيز تشاطرني ذلك القبس من ذكرياتي الخاصة, المهم أين توقفنا في المرة السابقة ؟!.
آه تذكرت و أعذرني يا حبيب فمشاغل الحياة قد تنسيك الكثير و الكثير فلا مانع من أن تذكرني كنا نتحدث عن تلك المكالمة الهاتفية التي جاءتني و كيف أنني أنحيت لألتقط جهاز المحمول الذي سقط من يدي لأجيب على المتحدث و لا يفوتني هنا أنا أنصح القارئ بعدما استخدام المحمول أثناء القيادة علما بأني للآسف من أكثر مستخدمي المحمول أثناء القيادة !!!!!!
المهم شاء قدر الله ألا يقع حادث مروع و لا أدري ما حدث فقد فعلت كل ما بوسعي و لا أخفيك سرا أني أغلقت عيناي و انتظرت كارثة محققة و إذا بالسيارة تتوقف على جانب الطريق دون أن يحدث أي شئ , تنفست الصعداء و كان مازالت رنة المحمول تتكرر مما أثار سخطي فقد كادت تلك الرنة أن تقتلني منذ لحظات قليلة رفعت المحمول إلى أذني و أنا في شدة الغضب و على الطرف الآخر جاء صوت المرأة التي أجرت معي المقابلة في مكتب القاهرة.
قالت :د/ خالد لماذا لم تحضر حتى الآن لننهي إجراءات السفر الخاصة بك حتى الآن ألا ترغب في السفر ؟!
علمت على الفور أن الإدارة في السعودية قد مارست على المكتب ضغط ليكفوا عن أسلوب النصب المتبع لديهم فأخبرتها و قد ارتسمت على شفتي ابتسامة النصر أن العقد في جملته لم يعجبني لكن سوف أوافق لأنها مستشفى ضخمة فقط !!
مرت الأحداث سريعا و أجريت عدة اتصالات مع صاحب المكتب نفسه و كانت هناك محاولة لنقل التأشيرة لمكتب آخر في مدينتي لأن صاحب مكتب القاهرة كان ليزال في محاولاته لإتمام عملية النصب علي و الحصول على مبلغ لا يستحقه و ذلك بإيهامي أنه من قام بحل مشكلة الخبرة لدي !! , تفاصيل كثرة لا طائل منها انتهت بإتمام أوراقي لدى هذا المكتب و لم أعطيه سوى ما يستحقه و قد سافر معي والدي رحمه الله في ذلك اليوم و لن أنسى أبدا ملامح الفرحة التي علت وجهه الحبيب عندما رأى التأشير على جواز السفر الخاص بي ، و بتلك المناسبة قام بدعوتي لتناول العشاء في أحد المطاعم الشهيرة بمدينة القاهرة , كم كان حنونا غفر الله له كان يحب بقائي بجانبه و لا يرغب في فراقي لكنه كان يشعر بالخوف الشديد علي مما حمله على التعجيل بإنهاء مسألة السفر .
عندما عدت إلى بلدتي كان شهر رمضان العظيم يدق الأبواب بقوة وفكرنا هل الأفضل أن أسافر مباشرة أم أن أبقى حتى نهاية الشهر كنت أرغب و بشدة في أن تكون بدايتي في المملكة القيام بعمرة في العشر الأواخر من رمضان و كان أبي و أمي يرغبان في بقائي حتى ثالث أيام العيد و لم يسعني سوى تلبية تلك الرغبة الكريمة و قد كانت منة من الله عز وجل فقد اعتكفت في هذا الشهر في أحد أكبر المساجد و كنت مشرف على الاعتكاف و سوف أسرد لكم بعض الأحداث السريعة التي دارت قبيل سفري.
منها أنني اعتكفت كم ذكرت من قبل في أحد المساجد الكبرى وكنت من مشرفي الاعتكاف وكانت لي كلمة وعظية يوميا في المسجد و كانت لي جلسات خاصة مع شباب المعتكف و كان كثير من هؤلاء الشباب من حديثي الالتزام أو من الشباب غير الملتزم أصلا , و كانت منة عظيمة من الله فقد امتاز هذا المسجد نظرا لوجوده في مكان متميز تقطنه الطبقة الراقية بإمكانيات ضخمة للغاية مكنتنا من تيسير الاعتكاف لعدد كبير من الشباب كما أنه كان مركز لدعوة الشباب غير الملتزم لشهرة هذا المسجد في الأوساط الراقية !!
و كان من رحمة الله سبحانه و تعالى أن جعلني سبب في هداية عدد ليس بقليل من هؤلاء الشباب و كان من دواعي فرحي بتلك المنة أنه بعد عودتي إلى مدينتي بعد مرور عامان من الغربة أن قابلت الكثير من الشباب الملتزم الذي لا أعرفه فإذا بهؤلاء الأعزاء يشدون على يدي و يشكرونني أن استعملني الله فكنت سبب في ردهم إلى طريق الحق فلله وحده الحمد و المنة , و كان من بركة هذا المعتكف أني ألقيت كلمة في أحد الليالي الفردية في العشر الأواخر أثناء صلاة التهجد فلاقت ترحيبا كبيرا و أيضا كانت لي كلمة عن وفاة الرسول صلى الله عليه و سلم مازال الكثير ممن حضروا تلك الكلمة يذكرونها و قد يرى البعض في تلك الكلمات السابقة نوع رياء و حب ظهور و أسال الله أن يعافيني من هذا البلاء فما أنا فعلا إلا عبد فقير إنما أردت أن أعرض عليك أيها العزيز جانب مما فتح الله علي به لأسألك و أسأل نفسي هل كان السفر يستحق ترك هذا الميدان الذي من الله علي به ؟؟
إننا أيها الشباب و أرجو المعذرة أيها الكريم إن كنت أوجه حديثي دوما للشباب لكن تلك الكلمات الأصل أن المخاطب بها الشباب الذي تنتابه الحيرة بعد التخرج فلا يدري كيف يجمع بين ما يحب أيا ما كان و بين الحصول على الجانب المادي المريح ، فقد كان العديد من الشباب من أصحاب الإبداعات الرائعة فإذا هي تتلاشى في خضم أحداث الحياة كم من شباب هذا الجيل كان من الممكن أن يصبح شاعرا فذا أو أديبا مرموقا أو عالما من العلماء المشار إليهم بالبنان فإذا بتلك الموهبة تزول و تتلاشى , أعود فأقول أننا في تلك المرحلة العمرية نقف عند مفترق الطرق -غالبا- بين ما نريده و نهواه و ما هو متوفر في واقعنا فعلا. إن من أخطر المشاكل التي تواجه الآن ملايين الشباب العربي أن يعرف حقا ماذا يريد و لا يعني هذا أن كاتب تلك الكلمات قد وصل بر الأمان وجلس يستريح عليه ثم أخذ يلقي على كل عابر سبيل نصائح إرشادية تدله إلى ما وصل إليه بل إنني مازالت أبحث و لا أدري كم سيستغرق مني هذا البحث و هل سأصل إلى هذا الشاطئ الساحر أما سأظل أبحث دون طائل ، قد يقول البعض دعنا من تلك الفلسفة الجدلية و لننظر إلى الواقع من حولنا فإن الجري و راء السراب عبث فتلك المواهب التي تتكلم عنها ليست خبزا نأكله و لا ملبسا يسترنا فما قيمة أن نظل العمر كله نلهث خلف تلك الأحلام ، ربما ليس هذا مجال تقصي لكن انظروا أيها الشباب إلى تاريخ العظماء و المصلحين كم سهروا الليالي و كم افنوا الأعمار فما كان هذا عبثا و لهوا إنما كانت تلك التضحيات هي المداد الذي خطوا بها أسماءهم في سجل الشرف و العزة فلله در المصلحين و المبدعين الأوفياء و أين تضحيات هؤلاء و أحلامهم في مقابل تضحياتنا نحن و أحلامنا ؟؟
لا نريد الخروج كثيرا عن سياق الحديث نعود لنكمل تلك الفترة القصيرة الباقية لي في مصر, فقبل نهاية الاعتكاف بيومين جاء والدي إلى المعتكف و وجهه ممتقع شاحب اللون و أخبرني و الألم يعتصره أنه يتوجب علي أن أذهب إلى أحد الأجهزة الأمنية للحصول على جواز سفري فطمأنته و كنت اعلم مدى قلقه , و بالفعل ذهبت في اليوم التالي و كان الناس هناك في غاية الظرف فلم يجعلوني أنتظر كثيرا حتى أقابل الضابط المسئول, فقد استغرق انتظاري خمس ساعات فقط بالطبع هذه الرحمة الشديدة كانت لأننا في آخر أيام رمضان !!
كان الضابط لطيف للغاية لم يسألني كثيرا و قد وعدته بأن أدعوه و أدعو كل ضباط الإدارة على حفل زواجي يوما ما و لا أدري هل أستطيع أن أفي بهذا الوعد أم لا ؟؟؟ , و عندما غادرت كان والدي في انتظاري رحمه الله و كان الخوف و القلق يعلو وجهه فأخبرته أن الناس كانوا في غاية السعادة للقائي و أنه يمكنني السفر دون أدنى مشكلة. هناك موقفان أريد أن أذكرهما قبل أن استقل الطائرة المتوجهة للسعودية, الموقف الأول فيه طرفة فقبيل سفري بساعات جاء بعض أقاربي لزيارتنا فأخبرهم الوالد أن السبب في هذه المنحة الإلهية التي من الله علي بها – فقد كنت أول من سافر خارج البلاد في كل دفعتي تقريبا – هي محافظتي على الصلاة و .... إعفائي للحيتي !! .
أما الموقف الآخر فقبل سفري بليلة ذهبت لزيارة بعض أصدقائي بعد صلاة الفجر و كان الإفطار معد وكدت أصاب بعسر هضم من كثرة الأكل فقد كان الطعام شهي للغاية و بعد مغادرتي المكان تم إيقافي من قبل حملة و قالوا أن هذه السيارة قد تم الإبلاغ عنها طبعا يمكنكم أن تتخيلوا مشاعري في تلك اللحظة قلت لنفسي الموت علينا حق و إن لله و إن إليه راجعون, و أخذ الضابط يتحدث عبر جهاز اللاسلكي فترة من الزمن و هو ينظر إلى رخصتي و رخصة السيارة نظرات متفحصة ثم فوجئت أن الأمر كله لا يتعدى مروري على عسكري المرور دون وضع حزام الأمان فأبلغ عن السيارة و رفض الضابط إعطائي رخصة القيادة حتى بعد إبلاغه أنني سوف أسافر خلال ساعات لكن أبي استطاع أن يحضرها في نفس اليوم!! .
توجهت إلى المطار و كان معي أبي و أمي التي ظلت تقبلني طوال الطريق و أخي الأصغر و كان لتوه قد تخرج من الجامعة و عندما وصلت المطار طلبت من أخي طلب خاص أنه إذا أشتد مرض أبي لأي سبب من الأسباب أن يتصل بي على الفور و للآسف لم ينفذ ما طلبته منه , لم أكن أعلم أنها المرة الأخيرة التي سوف أرى فيها والدي رحمه الله يتكلم فقد رأيته قبل موته بسويعات قليلة و سوف يأتي معنا لاحقا أحداث هذا الأمر المؤلم . تجاوزت منطقة التفتيش و أخذت أشير لهم كثيرا حتى غابوا عن بصري و بعد مروري من منطقة الجوازات اتصلت للاطمئنان عليهم ثم قمت بتغير ملابسي لارتداء ملابس الإحرام فقد كانت نيتي أن أقوم بعمرة أولا و أجلس في مكة لعدة أيام قبل الذهاب لمدينة بريده و كانت سعادتي غامرة و مع النداء الأول للطائرة توجهت إليها و جلست في مقعدي و أخرجت كتاب الله لأقرأ فيها و كان موقعي بجانب جناح الطائرة و سبحان الله غالبا ما يكون هذا هو موقعي في الطائرات ، لم أعرف من سيكون رفيقي في الطائرة و قد منيت نفسي أن يكون شخص لطيف فلا يقطع علي خلوتي و يمنعني من التأمل في المشاهد الخلابة خارج الطائرة, جلست انتظر ,وأنا أمني نفسي برحلة إيمانية يغلب عليها التأمل و التدبر في ملكوت الخالق فقاطعني صوت قائلا : ممكن حضرتك تساعدني حتى أجلس
التفت برأسي نحو صاحب الصوت فإذا برفيقي .......
نكمل في المرة القادمة بإذن الله
طير سارة
11-09-2008, 02:35 AM
د / خالد الرفاعي
التنسيق في الكتابة ورواية الاحداث جميل للغاية :rolleyes:
متااااااااااااااااابع
تحياتي :)
i love cats
11-09-2008, 04:03 AM
متــــــــــــآآآآآآآآآآآآآآبعه وبقوووووووه :D:D:D
اكمــال رائــع اخوي :)...والله حمستــــــنا :p
يعطيك العافيه..:)
تقبل مروري اختك: i love cats ..
د.خالد الرفاعي
11-09-2008, 07:11 AM
د / خالد الرفاعي
التنسيق في الكتابة ورواية الاحداث جميل للغاية :rolleyes:
متااااااااااااااااابع
تحياتي :)
متــــــــــــآآآآآآآآآآآآآآبعه وبقوووووووه :D:D:D
اكمــال رائــع اخوي :)...والله حمستــــــنا :p
يعطيك العافيه..:)
تقبل مروري اختك: i love cats ..
جزاكم الله خير الجزاء على هذه الردود الراقية المشجعة
قطة سيامية
11-09-2008, 03:09 PM
ذكريات راائعة دكتور خالد ان شاءالله بتابعها على مراحل
Capt.HuSsEiN
11-09-2008, 08:44 PM
اكمل اخي الفاضل سلمت يداك
فنحن متابعون مسيرتك مع الذكريات
د.خالد الرفاعي
12-09-2008, 06:34 AM
ذكريات راائعة دكتور خالد ان شاءالله بتابعها على مراحل
اكمل اخي الفاضل سلمت يداك
فنحن متابعون مسيرتك مع الذكريات
[SIZE="5"]جزاكم الله خيرا على التشجيع و حسن المتابعة
[CENTER][FONT="Verdana"]بإذن الله سوف أكمل قريبا
د.خالد الرفاعي
14-09-2008, 08:06 AM
مكة... و ما أدراك ما مكة (5)
يا مكة يا مكة ما أبهى لقيانا ...
لبينا والسعد وافانا ...
للحرم شددت رحالي...
وبطيبة روحي في إنشغالي ...
والأقصى ما غاب عن بالي...
يا ربي بلغنا منانا ...
كانت الطائرة تستعد للإقلاع و نفسي تكاد تحلق هي الأخرى في السماء و قلبي تتسارع دقاته مع قرب موعد إقلاع الطائرة فمع مرور الدقائق كنت اقترب من تحقيق أحد أكبر أحلامي و هي زيارة بيت الله الحرام و لم يكدر صفو تلك المشاعر إلا رفيقي في الطائرة أو بمعنى أصح ...... رفيقتي, كانت امرأة خليجية لم أستطع تحديد عمرها لأني لم أنظر إليها و لا معرفة جنسيتها لكنها كانت تتحدث بلكنة أهل الخليج . بالطبع نحن في طائرة و تغيير المقاعد أمر بالغ الصعوبة و قد طلبت مني أن أساعدها لأنها كانت تحمل طفل صغير !! ,الحقيقة أنها لم تكن إنسانة مبتذلة حتى لا يسئ القارئ الفهم لكن المشكلة أنها كانت تحمل طفلها هذا كان صغير للغاية لم يتجاوز السنتين على أحسن تقدير و هو كغال الأطفال في هذه المرحلة العمرية غالبا ما يكون مصدر للازعاج و هذا لا يعني اني لا أحب الأطفال لكن الحالة الإيمانية التي كنت أمني نفسي بها ذهبت ادراج الرياح , و قد اضطررت لحمل هذا الطفل معظم الرحلة فوق قدمي و أخذ هذا المخلوق الرقيق يبعثر لحيتي ذات اليمين و وذات اليسار كما أنه قام بسكب الطعام الذي كان يأكله على ملابس إحرامي فتحول لونها الأبيض الناصع إلى ألوان أخرى كثيرة !!.
استغرقت الرحلة ساعة ونصف شعرت أنها الدهر كله و كان جلوسي بجانب امرأة و معها طفل صغير أمر محرج للغاية و غير متوقع وضاعت علي فرصة التدبر في هذا الملكوت العريض و عندما سمعت أننا سوف نهبط بسلام إلى مطار جدة لم أتمالك نفسي من الفرح. من أكثر المظاهر التي ضايقتني و أثارت الحزن في نفسي أن أرى نساء متبرجات في مطار جدة و كانوا يرتدون ملابس لا تتناسب مع الأجواء المحيطة و علمت بعدها أن هذا الأمر يوجد في بعض مدن المملكة و التي يغلب عليها وجود الأجانب !! , عندما وصلت للمطار كان في انتظاري صديق مصري من مدينتي و معه أخ سعودي مهذب للغاية و كنت أحمل أمانة خاصة لهذا الصديق المصري فقمت بإعطائه إياها و طلبت منهم أن يقوما بتوصيلي إلى أقرب محطة لسيارات الأجرة حتى أصل مكة في أسرع وقت ممكن . ذهبنا لموقف السيارات و بجانه كان يوجد مسجد غاية في الروعة و هذه سمة غالبة في مساجد المملكة العربية السعودية و من أبرز ما يميز مساجد المملكة أن دورات المياه خارج المسجد تماما و رائحة البخور الجميل و ذلك المسند العريض الموجود غالبا في الصف الأول في كل مسجد و الذي يسمح للمصلي بالجلوس فترة طويلة في وضع مريح ليتمكن من قراءة القرآن . أجريت اتصال هاتفي بأبي و أمي و أخبرتهم أني في طريقي لمكة و أريد أن أنوه هنا أيها الحبيب أنني منذ وصولي المملكة كنت حريص جدا على التحدث هاتفيا يوميا تقريبا مع والدي و والدتي فهما أغلى ما يملك كل إنسان.
ركبت سيارة الأجرة و ودعت صديقي و نسيت أن أخذ منه رقم المحمول الخاص به و كان هو الآخر في رحلة عمرة و سوف يغادر في وقت قريب ثم قابلته قدرا في صحن الحرم بعد صلاة الفجر في اليوم الثالث من دخولي مكة و كنت سعيد للغاية فهو من أفضل الشباب و أكثرهم دماثة في الأخلاق .
مدينة جدة وهي للعلم من أجمل مدن المملكة و أكثرها رقيا تقع على البحر و غالب سكانها حتى السعوديين منهم ليسوا من أصول سعودية و قد زرتها مرات قليلة ربما ثلاث مرات على ما أظن و كانت في عجالة شديدة فعلى الرغم من جمال المدينة و رقيها لكنني من هواة المدن الصغيرة و كان من تيسير الله أن قضيت مدة عملي في المملكة في مدينة بريده و هي من أحب المدن إلى قلبي و كثيرا ما أحن إليها عموما دعونا لا نستطرد كثيرا في هذه الأمور و سوف يأتي تفصيل ذلك لاحقا. انطلقت السيارة تنهب الطريق و السرعات في المملكة تكاد تكون جنونية و هذا لقوة السيارات و جودة الطرق خاصة التي تربط المدن الكبرى و الطريق بين جدة و المدينة شيق ملئ بالجبال و هو أمر غير معتاد لي فقد أعتدت رؤية المزارع و القرى على جانبي الطرق السريعة في مصر و إن كانت لي تجربة شيقة أتمنى أن أقصها عليك يوما يا صديقي العزيز عندما كنت في الثامنة من عمري إبان حرب الخليج حيث عدنا مع الوالد رحمه الله في سيارته بعد بداية الحرب عن طريق العراق ثم الأردن , و في الأردن رأيت جبال من أروع ما تكون هي من بديع خلق المولى سبحانه و تعالى. وصلت مكة قبل صلاة المغرب بفترة وجيزة و مكة لمن لم يزرها من قبل مدينة جبلية ترى فيها الكثير من البيوت فوق الجبال و تشعر منذ اللحظ الأولى بدخولك برهبة عجيبة تجتاح جوانحك و يتراءى لك الحرم المكي فتشعر بسعادة غامرة يخالطها الخوف من هذا اللقاء المثير , و كلما اقتربنا كان ذلك الشعور يتزايد. وصلنا بجانب الحرم و غادرت سيارة الأجرة و اضطررت لركوب سيارة أخرى لتنقلني إلى الفندق و هنا يجب أن أذكر معلومة قد نسيت أن أذكرها لك أيها الحبيب فإنني و لحسن الحظ لي جار وهو صديق مقرب من أبي يملك عدة فنادق في مكة و هو رجل كريم و غالبا ما كنت أقيم عنده كلما جئت لقضاء عمرة و كان يحزن أشد الحزن إذا علم أني ذهبت لمكة دون الاتصال به و كنت أتحرج منه لكنه كان يصر على هذا. ذهبت إلى الفندق و هو في موقع متميز قريب من باب المروة و كان هذا الموقع كفيل بجعل العمرة تزداد متعة.
وضعت حقائبي داخل الغرفة و رفضت تناول أي طعام أو شراب و أصررت على المضي سريعا حتى أدرك صلاة الجماعة و الحمد لله أدركتها لكني لم أستطع دخول الحرم و كان القارئ يقرأ بسورة الصف مما جعل لهذه السورة أثر ضخم في قلبي لأنها أول سورة سمعتها هناك . لا أعلم أيها القارئ العزيز هل تشعر هذه المرة بالملل لكثرة التفاصيل لكن الحقيقة أنني أريد أن أنقل لمن لم يتمكن بعد من زيارة تلك الأماكن المقدسة روعة و جلال تلك الأماكن فهذا عذري الذي أقدمه بين يديك على كثرة التفاصيل هذه المرة.
دخلت الحرم لأول مرة و مهما فعلت فسوف يعجز قلمي المتواضع و أسلوبي البسيط أن يصف روعة هذا المكان و لا تلك المشاعر الراقية التي تنتاب زوار هذا البيت العتيق الذي بناه أبو الأنبياء بيده الشريفة , بيت الله مغناطيس أفئدة الرجال و قبلة المسلمين في كل مكان أحب أرض إلى رب العباد , إن النور الذي يعلو هذا المكان و تلك الجموع الذليلة المنكسرة و هذه الهمسات و التضرعات و ذلك الأنين و النحيب تنظر من حولك فترى قراءة خاشعة و تلاوة عطرة و دعاء منكسر لصاحب حاجة و تلتفت فتقع عينك على الساجد الباكي و الراكع الخاشع , و قد جئت أنت بخطايا ومعاصي السنين جئت لأقف بين يديك يا مولاي عبد ذليلا خاضعا لا يملك من أمره شئ , من ذا الذي دعاك فرددته خائبا من ذا الذي رجاك فصرفته حائرا , إليك المشتكى يا أكرم الأكرمين أرحمنا برحمتك التي وسعت كل شئ , لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا هب لنا نورنا و بصيرة تكشف لنا هذا الطريق الموحش كن لنا صاحب في هذا السفر الطويل و أعنا بزاد التقوى الذي لا ينضب . إن تلك المشاعر الإيمانية العميقة التي تدور في حس المسلم فتأخذ بتلابيب نفسه و تحلق به بعيدا في مكان آخر عن تصورات البشر و أحلامهم و أهدافهم التي تتضاءل تماما في هذا المكان حتى تكاد تتلاشى , إن منظر هذا البيت الأسود المهيب و تلك الجموع الذليلة التي تطوف حول هذا البيت أشبه بطفل صغير يبحث عن منفذ يلج منه إلى داخل دار يأمن فيها على نفسه من عوامل و تقلبات الزمن , إن قلبك يكاد ينخلع من مكانه حين ترى تلك المشاهد فتقارنها بأحلامك و تصوراتك عن الدنيا فتجدها صغيرة حقيرة, يدور بخلدك في تلك اللحظات صورة الناس وهي تلهث خلف الدنيا و تمر الأعوام فإذا هم محرمون من النعمة الحقيقة و التي ذكرها ملك الملوك في كتابه الكريم و هي نعمة الإيمان , نعم أيها الأحبة أنه الإيمان الذي صار عملة نادرة في هذا الزمان إنه الإيمان الذي هز أرجاء هذا الكون و الذي ملأ قلوب هذا الجيل القرآني الفريد الذي تربى في المدرسة النبوية فخرج إلى هذا الكون الفسيح فملأه نورا و عدلا , هذا الإيمان الذي تتضح معه حقيقة الحياة فإذا بركة العمر الحقيقة في العمل لهذا الدين و الحرص على نشره و الموت في سبيله فإذا الأعمار القصيرة قد صارت عظيمة و إذا التضحيات المباركة قد أثمرت في دنيا الناس نورا يفيض على تلك البشرية التائهة و التي دخلت منذ سنوات طويلة في تيه من الضلال حول حياتها لجحيم تلك البشرية البائسة التي تطورت في كل نواحي البشرية و نسيت ذلك الجانب العلوي الرفيع فإذا بها تنحدر في مستنقع آسن شهواني , فمن لتلك البشرية البائسة و من لهؤلاء الحيارى يخرجهم من ظلمات التيه فيريهم تلك المشاهد التي تسقط أمامها تلك الشهوات الهابطة و تنكسر أمامها تلك التصورات الساذجة عن حقيقة الكون و التي ارتضاها قطاع هائل من البشر في هذا الزمان .
مكة و ما أدراك ما مكة عندما تعيش فيها فترة تدرك مدى حزن الرسول صلوات ربي و سلامه عليه لفراقها, و لما لا وهي تحتضن ذلك البيت الحرام و إليها تهفو أشواق أهل الأرض و إنك لتلمح نظرة الشوق في عيون هؤلاء لبشر من شتى بقاع الأرض على اختلاف اللغات و العادات فإذا هي نفس النظرة الملهوفة ، نظرة المحب الذي طال فراقه لمحبوبه فلما حانت الحظة التي طالما انتظرها طويلا أبى الشوق إلا أن يفضحه و طفت تلك المشاعر فعلت وجه هذا المحب و تصاعدت أنفاسه و تأججت مشاعره . حب ملأ هذا الكون الفسيح و ملأت رائحته الزكية الأنوف فما عاد هذا المحب المشتاق يرى في هذا الكون إلا هذا البيت الحرام و ما هذا الحب إلا من لوازم محبته للخالق المنعم .
وما حب الديار شغفن قلبي .. ولكن حب من سكن الديارا
انتهيت من الطواف و السعي و كانت عيني تراقب من حولي فاشعر بالحسرة على ما فات من الأعمار بعيدا عن رحمة أرحم الراحمين ترى ذنوبك ماثلة بين يديك فتعجب لستر الله و رحمته بك طوال تلك السنوات و لا تملك إلا تسأل المولى أن يعافيك من تلك الغفلة التي عشتها سنوات طويلة .
بعد نهاية العمرة ذهبت للبحث عن نعلي فلم اجده و كان هذا أمر طبيعي لذا قررت أن أعود للفندق دون نعل فقد و كانت تلك المرة الأولى في حياتي التي أسير فيها حافي القدمين !! . قمت بتقصير شعري ثم عدت للفندق لأستريح قليلا من عناء السفر الذي تلته تلك الرحلة الإيمانية الرائعة بين أرجاء الحرم و استلقيت على الفراش لأنام حتى أستطيع أن أدرك صلاة الفجر. و في اليوم التالي كان علي أن أشتري جهاز محمول جديد و بهذا القرار الخطير سوف تبدأ سلسلة عجيبة لا تخلو من الطرفة مع أجهزة المحمول أقصها بإذن الله عليك في الحلقة القادمة .
i love cats
14-09-2008, 05:02 PM
اي والله مكه تشرح الصدر ومنظر الكعبه يجيب الطمأنينه للقلب ..:rolleyes:
يعطيك العافيه اخووي على الاكمــال الرائـــع..:)
وبانتظار البقيه ..:o
متآآآآآآآآآآبعه :):)
اختك:i love cats..
د.خالد الرفاعي
02-10-2008, 09:52 AM
حذاء أبو القاسم الطنبوري!!(6)
أبو القاسم الطنبوري بخيل من البخلاء و كانت له نوادر كثيرة و لا أدري إن كانت حقيقية أم لا , و لعل أشهر تلك النوادر هي حذاءه القديم وقد سمعنا تلك القصة و نحن صغار , و لقد كان هذا الحذاء نعم الرفيق للطنبوري فظل هذا المسكين يتحمل بخل صاحبه لسنوات طويلة و كانت الرقع تضاف يوما بعد يوم لهذا الحذاء الضعيف فما اشتكى يوما بل كان على العهد مع صاحبه إلا أن قرر صاحبه البخيل ناكر الجميل التخلص من الحذاء الوفي فانتفض الحذاء غاضبا و كما قال الأولون (( اتقي شر الحليم إذا غضب )) فكان من أمر هذا الحذاء أن جر على صاحبه ويلات و مصائب فما استطاع صاحبه أن يفارقه أبدا بل انتهى الأمر أن صار أبو القاسم و الحذاء رفيقان في زنزانة واحدة و القصة طويلة و مثيرة و ساذجة لكن ما علاقتي أنا بكل هذا ؟
سلام عليكم و رحمة الله و بركاته هذه المرة أيها الرفاق أنقل لكم ذكرياتي من قلب الحدث أقصد من داخل المملكة العربية السعودية , ربما لا أكون هناك الآن بجسدي لكني أعيش تلك الذكريات و كأنها واقع حي يتمثل الآن أمام عيني و صوره شاخصة تتنفس و تتحرك فكأنما تلك اللحظات و الذكريات التي أرويها جزء لا ينفصل أبدا عما يدور الآن من حولي فتجارب الإنسان أيها الكرام لا تغادره إلا بمفارقة الروح الجسد . اليوم أيها الشباب سوف أحكي لكم قصة لطيفة و أحداثها بدأت من اليوم الأول لوصولي المملكة و انتهت نهاية درامية مؤثرة بعد عودتي إلى مصر و قد قررت أن أجمع فصول تلك الكوميديا السوداء حتى لا تنفلت بين سطور الذكريات فيضيع مذاقها الخاص و هي أشبه بقصة الحذاء الذي حول حياة صاحبه إلى جحيم مع فارق أن الصاحب في قصتي و هو أنا بالطبع كان حريص على صاحبه و هو جهاز المحمول الخاص لكن .... أرى أن نبدأ و سوف تفهم يا صديقي العزيز.
قبل سفري أعطاني الوالد الحبيب مبلغ من المال جيد و أصر ألا أصحب معي جهاز المحمول القديم و أوصاني بشراء جهاز محترم من الأجهزة الحديثة بمجرد وصولي لأرض المملكة العربية السعودية حتى أظهر بظهر لائق أمام أقراني في العمل , و بمجرد وصولي و أدائي العمرة أجريت مكالمة مع أبي و بعد أن طمأنتهم علي و على صحتي و أني الآن في الفندق وجدت أبي يؤكد وصيته بشراء المحمول فوعدته بإجابة طلبه و السعي في ذلك من الصباح الباكر , انطلقت مع مطلع اليوم التالي لشراء خط جديد و مازلت احتفظ بهذا الرقم حتى الآن لعلي أحتاجه يوما ما , و انطلقت لأكبر محلات الجولات في مكة و بالفعل اشتريت جهاز جوال لطيف وحديث لكنه لم يكن من الأنواع المشهورة التي جرت العادة على وجودها في أيدي الناس , فلما علم أبي بهذا حزن و أخبرني أنني دائما أحب مخالفة الناس و أني أسير عكس الاتجاه و لم يكن في وسعي استبدال الجهاز فوعدت أبي بحل تلك المشكلة , فلما ذهبت لبريده و بعد أول مرتب تقاضيته من المستشفى عمدت لأقرب محل جولات فبعت جوالي وخسرت مبلغ من المال ليس بقليل - و كانت تلك هي الغلطة التي جرت علي الويلات – و قمت بشراء جهاز محمول من نوع الباندا و هو من أنواع النوكيا و فرحت به جدا و قد ظل يعمل بانتظام و كفاءة عالية حتى موسم الحج فلما انتهى موسم الحج و كان لهذا الجهاز مغامرة عجيبة سوف تأتي لاحقا فقد تسبب في إشاعة خبر مقتلي , عموما بعد عودتي من الحج بيوم كان من أمر هذا الجهاز أن سكت إلى الأبد دون مقدمات فانطلقت به إلى أحد محلات الجولات محاولا إنقاذه من تلك الأزمة الصحية الطارئة التي أصابته لكن كل محاولات الإنقاذ باءت بالفشل و اكتشفت أن الرجل الذي باعه لي قد نصب علي فقد كان الجهاز مدمر قبل شرائي له و هنا يجب أن أسدي نصيحة لكل شاب مقبل على السفر إياك أن تشتري شئ مستعمل في الغربة فغالبا ما تكون هذه الأشياء المستعملة معبئة بأنواع من العفاريت الخفية التي لا تظهر إلا بعد فترة من الاستعمال و هي كافية بأن تقلق مضجعك و تطير النوم من عينك . المهم أني خرجت بالجهاز و قد لفظ أنفاسه الأخيرة بين يدي فقابلت رجل تبدو على ملامحه سمات الطيبة و كان معه طفل ممتلئ قليلا رأيت في عينيه كل معاني البراءة , فلما علم هذا الرجل ما كان من حالي قال لي لا تحمل أي هم سوف آخذ أنا جهازك و أعطيك جهاز أبني لأنه بالإنجليزية و لا يستطيع أبني التعامل معه و كان جهاز جيد مخصص أصلا للألعاب و هو من نوع النوكيا أيضا فقلت للرجل لكن جهازي لا يعمل فتبسم و قال لا عليك أنا أستطيع أن أصلحه , أعطيته الجهاز و انطلقت غير مصدق و قلت في نفسي إن الدنيا لتزال بخير لوجود مثل هذا الرجل فلما يمضي يومان حتى اكتشفت أنه كان نصاب هو الآخر و وجدت العفاريت تداهمني مرة أخرى و قد تطلب إصلاح هذا الجهاز الكثير من المال و انتهى بمعركة بيني و بين صاحب المحل الذي حاول استغلالي هو الآخر و في النهاية بعت هذا الجهاز بخسارة مادية كبيرة.
قررت أن أستريح من عناء تلك المعارك الدامية فترة و اشتريت جهازان متواضعان و لم يكلفاني شئ و كان هناك سبب قوي لأن يكون معي خطان في نفس الوقت سوف يأتي ذكره عندما أتحدث عن عيوب اعدم الزواج في الغربة , فلما تقدمت لامتحان هيئة التخصصات السعودية - و كان قد مر عدة أشهر دون أي خسائر في الأرواح أقد في أجهزة المحمول – قررت مكافأة نفسي لأني اجتزت الامتحان بشراء جهاز محمول غالي مما يسمى بالكمبيوتر الكفي و قد كان نعم الرفيق فقد وضعت عليه بعض الموسوعات العلمية و الكتب الهامة و المحاضرات ثم ذهبت لأداء عمرة و باختصار شديد سرق هذا المحمول فاسترجعت و حمدت الله ثم وجدت شخص سوري – للعلم من أكثر الجنسيات التي أحببت التعامل معها هم الأخوة السوريين و سوف يأتي تفصيل ذلك لاحقا - يتصل بي و يخبرني أنه استطاع التحايل على من سرق الجهاز و أخبره أنه لا قيمة له فأخذه منه و بحث في الأرقام حتى عثر على رقم جوالي الثاني و اتصل بي فورا حتى يعيده لي , شكرته كثيرا و كان هذا الشخص يقيم في الطائف فطلبت منه إعطاء الجهاز لأحد معارفي في مدينة الطائف و هو يعمل مندوب دعاية في أحد شركات الدواء الكبرى و استطاع بالفعل أن يتقابل معه وكان هناك محاولة من الرجل الذي قام بالاستيلاء عليه أول مرة بأن يسرقه مرة أخرى لكنه لم يستطيع , أخذ صديقي المقيم في الطائف الجهاز و وضعه في سيارته و أخبرته بدوري أنني سوف أرسل له شخص ما في القريب العاجل للحصول على المحمول و هنا مثل قصة حذاء الطنبوري كان لابد أن يحدث شئ ما , و في هذه المرة كانت بالفعل مفاجأة من العيار الثقيل كنت قد أخبرتكم أن صديقي وضع المحمول في سيارته لأن عمله كمندوب دعاية يتطلب وجوده خارج البيت لفترات طويلة لذا أراد أن يحفظه في السيارة حتى يتمكن من إعطائه للشخص الذي أخبرته عنه أظن أن ما يدور في أذهانكم الآن أن المحمول قد سرق من السيارة أليس كذلك ؟؟ , لكن الحقيقة أن ما حدث كان أكثر غرابة فقد غادر صديقي هذا البيت كعادته متجها لعمله فلم يجد السيارة و لا المحمول بالطبع لقد سرقت سيارته و لم يجدها على حد علمي حتى يومنا هذا !!.
أردت أن تنتهي مغامراتي مع أجهزة المحمول فاشتريت جهاز أخير معقول و ظل معي حتى عدت إلى مصر لكن يبدو أن حذاء الطنبوري كان لي بالمرصاد ففي أحد الأيام و كنت مرهق للغاية أعتقد أني كنت عائد من سفر وضعت ملابسي في الغسالة سريعا لأني أحب أن أغسل ملابسي بنفسي و بعد ثواني من تشغيل الغسالة سمعت صوت غريب داخلها فأوقفتها على الفور و كان ما كان كالعادة فقد عثرت على آخر محمول لي داخل الغسالة لتنتهي أخر فصول هذه المأساة .
في المرة القادمة بإذن الله سوف أصحبكم بإذن لمنطقة القصيم و هي موطن غالب الأحداث القادمة . أعرف أني قد أطلت قليلا لكن أخيرا وبعد طول انتظار سوف نذهب إلى هناك مباشرة أرجو أن تكونوا في انتظاري.
Capt.HuSsEiN
02-10-2008, 01:16 PM
اخي د.خالد الرفاعي مع اني لا اعرف قصه
حذاء أبو القاسم الطنبوري الا ما قرأته من موضوعك
الا انا قصتك مع الجوالات تكفيني
:)
سلمت يداك عالمتابعه
و دمت بكل خير
طير سارة
02-10-2008, 02:18 PM
د / خالد الرفاعي
متااااااااااا بع
مع ملاحظة ان الهيئة السعودية للتخصصات :rolleyes: اصبحت في الفترة الاخيرة اكثر سهولة من اي وقت مضى :)
اما بخصوص سرقة الجوالات >> فحدث ولا حرج .. فأذا كان اليابانيون يجتهدون يوميأ بتطوير اجهزتهم
فأعلم انه يوجد من بيننا من يجتهد يومياً في تطوير اساليب سررررررقتها :eek: >> و مفيش حد احسن من حد :D
تحياتي :)
نونو الصغيرة
02-10-2008, 08:02 PM
يعطيك العافية
دكتور
والله يكون في عون جميع المغتربين عن اهلهم
في انتظار المزيد
متابعة
:):):)
i love cats
03-10-2008, 12:58 AM
تسلم اخوي على اكمالــك الروووووعــه :)
متآآآآآآآآآبعه..معآآآآآآآآآآآآك :o
وبالانتظار :)
تقبل مروري اختك:i love cats..
د.خالد الرفاعي
03-10-2008, 01:10 AM
اخي د.خالد الرفاعي مع اني لا اعرف قصه
حذاء أبو القاسم الطنبوري الا ما قرأته من موضوعك
الا انا قصتك مع الجوالات تكفيني
:)
سلمت يداك عالمتابعه
و دمت بكل خير
أتمنى أن تكون مستمتع بالأحداث
د / خالد الرفاعي
متااااااااااا بع
مع ملاحظة ان الهيئة السعودية للتخصصات :rolleyes: اصبحت في الفترة الاخيرة اكثر سهولة من اي وقت مضى :)
اما بخصوص سرقة الجوالات >> فحدث ولا حرج .. فأذا كان اليابانيون يجتهدون يوميأ بتطوير اجهزتهم
فأعلم انه يوجد من بيننا من يجتهد يومياً في تطوير اساليب سررررررقتها :eek: >> و مفيش حد احسن من حد :D
تحياتي :)
جزاكم الله خير الجزاء شكرا على التشجيع
ايش المطلوب؟
مرور حضرتك على الموضوع هو المطلوب جزاكم ربي خيرا
والله يكون في عون جميع المغتربين عن اهلهم
آميييييييييييييييييييين
جزاكم الرحمن خيرا
تسلم اخوي على اكمالــك الروووووعــه :)
متآآآآآآآآآبعه..معآآآآآآآآآآآآك :o
وبالانتظار :)
تقبل مروري اختك:i love cats..
مقبول المرور أختي الكريمة
اميرة البحار
03-10-2008, 09:42 AM
اخي الكريم د.خالد الرفاعي
يسعدنا طرحك لذكرياتك
وسردك لجزء من تفاصيل حياتك ..
د.خالد الرفاعي
06-10-2008, 12:44 AM
اخي الكريم د.خالد الرفاعي
يسعدنا طرحك لذكرياتك
وسردك لجزء من تفاصيل حياتك ..
جزاكم الله خير الجزاء على هذا المرور الكريم
د.خالد الرفاعي
06-10-2008, 12:45 AM
أخيرا القصيم (7)
أمضيت ستة ليالي غاية في الروعة في مدينة مكة مهبط الوحي و قد أنعم الله علي بزيارة جميع المناطق المقدسة التي تدور فيها أحداث الحج و كان جسر الجمرات في هذا الوقت تحت الإنشاء و قد هدم جسر الجمرات هذا لاحقا بالرغم من المبالغ الباهظة التي أنفقتها الدولة لبنائه بسبب الحادث الأليم الذي وقع في هذا العام وكدت أن أكون أحد ضحاياه وسوف أسرد لكم بالتفصيل بإذن الله عندما أحكي لكم ما جرى في الحج, و مشاهدة هذه الأماكن و هي خالية لها وقع خاص على النفس لا تستطيع أن تعبر عنه الكلمات.كان يجب أن أغادر أسفا مكة لأن الإدارة في المستشفى سألت خالي عني عدة مرات و عن أسباب تأخري و كان المفترض أصلا أن أذهب للقصيم مباشرة وقد فضلت أن أجلس في مكة أولا لاستمتع بها فقد لا تتكرر تلك الفرصة مرة أخرى. ذهب لتأكيد حجز الطيران ففوجئت أنه لا يوجد حجز هذا بالإضافة لمشكلة خاصة في تذكرتي فسألتهم ما الحل فأخبروني أنه يجب علي أن أستقل أتوبيس النقل الجماعي المتجه للقصيم و هو أمر بالغ الصعوبة فالمسافة بين مكة و القصيم حوالي 1000 كم و تستغرق حوالي 12 ساعة تقريبا و هو أمر لم أقم به من قبل في حياتي و لم أتخيله فأنا أكره الأتوبيسات عامة كما أنها تصيبني بملل شديد و لكن ما حيلة المضطر , صليت الفجر مودعا الكعبة ثم توكلت على الله و ركبت الحافلة , و بالفعل كادت أن تزهق روحي من فرط الضيق و طول الطريق و سبحان مبدل الأحوال فمع مرور الوقت صرت استمتع بهذا الطريق و لم يعد يسبب لي أي ضيق حيث أنني كنت أقوم بمهام إشرافية في الرحلات المتجهة إلى المدينة المنورة و مكة و التي كنا نرتب لها داخل المستشفى . و أخيرا أيها الحبيب و بعد كل تلك الحلقات الطويلة وطئت قدمي أرض مدينة بريده لأول مرة و هي عاصمة إمارة القصيم . كان في انتظاري ابن خالي و كان في ذلك الوقت طالب في الصف الثالث الثانوي و كان يجلس مع خالي لظروف الدراسة أما باقي الأسرة فكانت في مصر , وصلت المستشفى كانت الساعة حوالي العاشرة مساء و بمجرد وصولي نصحني خالي بالاستحمام بالماء ساخن و النوم مباشرة حتى أتوجه في الصياح الباكر للمستشفى و الذي لا يفصل بينها و بين سكن الأطباء إلا بوابة صغيرة جدا .
سوف نترك صاحب هذه الذكريات الآن نائم ليرتاح من عناء السفر الطويل ثم نعود سويا لنوقظه, سوف نغادر هذا المكان لنتجول قليلا في هذه البقعة من الأرض المسماة القصيم و سوف نقلب سويا بعض صفحات التاريخ حتى تتكون لدينا خلفية عامة عن هذه المنطقة , منطقة القصيم تبلغ مساحتها 65,000 كم2، بين المنطقتين الوسطى و الشمالية. وعدد سكانها 1016756 . وعاصمتها مدينة بريده. تتميز بوفرة المياه الجوفية ووجود الواحات الزراعية الغنية التي تمد المملكة و الخليج العربي بأفخر وأجود أنواع التمور و الخضروات والفواكه, عاصمتها بريده وهي أكبر مدنها من حيث المساحة و عدد السكان وفيها مقر الإمارة. أما سبب تسميتها فيعتقد المؤرخون أن تسمية " القصيم " نسبة إلى سمات طبيعتها الجغرافية التي تغلب عليها السهول الرملية الخصبة وهي ما يطلق عليها ( القصمات ) والقصيم رمل ينبت فيها الغضا الذي هو من أهم الشجيرات المعمرة في المنطقة. أم مدينة بريده فيُقال أنها سميت بهذا الاسم لبرودة مائها .وقيل كانت روضة تتجمع فيها المياهو نباتات البرديوقد تعددت الروايات حول اسمها، فقيل: إنه نسبة إلى نباتات البرديالتي تنمو في المنطقة، وقيل: إنها سميت بذلك لكثرة مائها وبرودته، وقيل: إنها سميتباسم الصحابي بريده بن الخصيب الذي حفر فيها بئرًا ارتوى منها الناس فسموها باسمه. و منطقة القصيم تعد معقل الدعوة السلفية فمنها خرج الشيخ محمد بن عبد الوهاب العالم الرباني المجاهد و هو الأب الروحي للدولة السعودية وصاحب المدرسة التجديدية الرائدة و الذي مازالت ثمرة دعوته المباركة تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها , و هذا العالم المجدد قد هضم حقه كثيرا و نسب إليه أعداء الإسلام الكثير من التهم و الافتراءات . و أنا أنصح شباب الصحوة الإسلامية بقراءة سيرة هذا المجدد العملاق و مطالعة مؤلفاته النافعة, و قد اشتهرت منطقة القصيم بأنها موطن العلماء الربانين و طلبة العلم الأفذاذ و منهم الشيخ العلامة السعدي رحمه الله وتلميذه لأثير محمد بن صالح العثيمين و الشيخ البسام صاحب المصنفات الرائعة التي لا غنى لطالب العلم عنها و المحدث الفذ سليمان العلوان فك الله أسره و الشيخ الرائع رائد تيار الصحوة في المملكة سلمان العودة و الذي تشرفت بمقابلته و تناولت عنده العشاء مع بعض طلبة العلم بمناسبة الانتهاء من أحد الدورات العلمية التي شارك فيها الشيخ و سوف أقص عليكم بإذن الله جانب من تلك الدورات الرائعة لاحقا .
أما مدينة بريده فهي مدينة هادئة صغيرة نسبيا تمتاز بنظافة شوارعها و حسن تقسيمها , يوجد في المدينة مركزان تجاريان غاية في الشهرة و هما النخيل بلازا و العثيم مول و يوجد فيها بعض المتنزهات العائلية الرائعة و المساحة الخضراء تحتل جانب واسع من المدينة فهناك اهتمام كبير بمسألة زراعة الأشجار و أشهر أحياء مدينة بريده على التوالي هي حي الصفراء وهو أرقى أحياء المدينة و به يوجد أكبر المحلات التجارية و المطاعم و يوجد به أيضا مقر الإمارة و يأتي بعده حي التخصصي و أشهر ما يميز هذا الحي مستشفى الملك فهد التخصصي الذي كنت أعمل فيه, و أخيرا حي الخبيب و هو شارع تجاري يذكرك بشارع محطة الرمل في الإسكندرية و يمتاز هذا الحي بكثرة المحلات التجارية و التي تقدم خدمات رائعة بأسعار زهيدة كما يوجد في هذه المنطقة سوق التمور, و التمر هو أشهر محصول في بريده بل إن تمر القصيم هو أفضل تمور المملكة قاطبة. و سوف يأتي لاحقا ذكر بعض المناطق الأخرى من خلال تلك الذكريات عندما يحين وقتها.
أرى أننا قد أطلنا النفس قليلا في هذا السرد التاريخي و أخشى أن نترك صاحبنا نائما - بعد السفر الطويل الشاق الذي مر به – فتفوته صلاة الفجر لذا سوف نعود لنوقظه من ثباته العميق ليصحبنا هو بنفسه عبر أروقة سكن الأطباء و طرقات مستشفى الملك فهد حتى ينتهي به المطاف عند باب الصيدلية و أظنه لن يبخل علينا بوصف لقائه المثير الأول مع مدير الصيدلية فلننتظر ما سوف تسفر عنه الأحداث القادمة.
i love cats
06-10-2008, 03:15 AM
اكمــــــــال موفـــــــق اخـــــــوووي ..:):)
وانا من القصيم بس عايشه بالرياض...ومارحت للقصيم الا مره وحده تخيلوا :eek:
بس تحمست على بريده من كلامك اخووي :o وان شاء الله نرووحلها باقرب وقت :)
وبانتظاار البقيه ..وبالتوفيق :)
اختك:i love cats..:o
د.خالد الرفاعي
06-10-2008, 06:38 AM
أنصحك بزيارتها فهي مدينة هادئة و جميلة
الله وحده يعلم كم اشتاق لها
i love cats
06-10-2008, 02:44 PM
اي انا سمعت عنها كثير ..:)
وان شاء الله بنروحلها قريب :o
د.خالد الرفاعي
11-10-2008, 10:45 AM
المستشفى (8)
كانت هذه المستشفى باختصار شديد صورة مصغرة من عالمنا الكبير و كان هذا بالنسبة لي فرصة ذهبية لدراسة أفضل الطرق للتعامل مع شتى الاتجاهات و الميول الفكرية و محاولة صهرها في بوتقة الفكر الإسلامي الصحيح. كان تحدي عملاق لكني أقبلت عليه بنفس راضية فخرجت بتجربة عميقة تستحق أن أخطها الآن بيدي و أن أتلوها على مسامعكم.
كان الاستيقاظ بعد رحلة السفر الشاق التي قطعتها أشبه بإزالة جبل من موضعه , لكن سبحان الذي يبعث الموتى يوم النشور فقد استيقظت مع آذان الفجر و لم يكن من السهل علي أن أغادر منزل خالي لأني لم أتعرف بعد على إحداثيات المكان لذا فضلت أن أصلي في البيت و بعد أن انتهيت من الصلاة قمت بتجهيز أوراقي بشكل منظم و انتظرت حتى استيقظ خالي لصلاة الفجر هو الآخر ثم تحدثت معه حول المستشفى قليلا و عن مكان الإدارة و الصيدلية , نسيت أن أعرفكم بخالي لذا أرجو أن تسمحوا لي بإلقاء الضوء عليه قليلا فهو أحد أبطال هذه الذكريات بل في الحقيقة هو محور رئيسي في هذه الذكريات فقد جعله الله سببا في تواجدي في هذا المكان هذا بالإضافة لتوجهاته الفكرية الخاصة التي طالما كانت السبب في مناقشات لطيفة بيننا تستغرق ليالي طويلة للغاية لا تخلو من شد و جذب و طرافة أيضا , خالي اسمه عادل و هو العين الأولى فكل أخوته و أخواته بما فيهم أمي تبدأ أسمائهم بحرف العين فكان هو أول عين في أخوته كلهم . دكتور عادل استشاري جراحة و هو يعمل في السعودية منذ 25 عام تقريبا و هو الآن يحتل منصب رئيس قسم الطوارئ بمستشفى الملك فهد التخصصي و هو رجل عصامي بكل ما تحمله الكلمة من معنى عنده دأب و صبر رهيب و حب للعلم و لقد شاهدته كثيرا ينام أثناء المذاكرة من شدة الإرهاق , عنده قدر كبير من الحزم و الصرامة في العمل و هو يعشق تطبيق النظام و أول ما يبدأ به هو نفسه شخصيا فهو غالبا ما يصل القسم قبل كل الناس و كثير ما يكون آخر المغادرين , أما من ناحية التوجه الفكري فخالي و الحمد لله إنسان ملتزم و هو يميل لفكر المدرسة العقلية المعاصرة لذا تجد مكتبته تحوي غالب كتب الشيخ محمد الغزالي رحمه الله و كانت تدور بيننا نقاشات كثيرة حول هذه المدرسة - التي أختلف معها مع احترامي الشديد لجميع العاملين لدين الله - ليس المجال الآن لذكرها , عامة هذه ملامح رئيسية لشخصية هذا الرجل الذي أدين له بالفضل في كثير من الأشياء و سوف يتضح للقارئ الكريم مع القراءة تفاصيل أخرى كثيرة .
في حوالي الساعة التاسعة صباحا غادرت باب الشقة التي يقطنها خالي لأتجول في طرقات السكن و المستشفى للمرة الأولى و سوف أحاول أن أنقل لكم تفاصيل المكان قدر المستطاع. مستشفى الملك فهد التخصصي هي أكبر مستشفى في منطقة القصيم تليها مستشفى الملك سعود بعنيزه و هي واحدة من عدة مستشفيات كبرى بنيت في عدد كبير من مدن المملكة و قد قام ببناء هذه المستشفيات شركة فرنسية و هذه المستشفيات تتشابه تقريا في شكلها الخارجي و أذكر على سبيل المثال مستشفى النور بمكة و الملك فهد في المدينة المنورة و سوف أبدأ بوصف سكن المستشفى و هو عبارة عن وحدات و هي على شكل حرف (L) أو حرف (u) و يتكون المبنى من ثلاث طوابق في كل طابق حوالي 10 أو 15 شقة على حسب شكل المبنى و هناك فيلات و هذه خاصة في الأصل برؤساء الأقسام و كبار الشخصيات مثل مدير الشئون الصحية و هذا لا يعني عدم وجود تجاوزات فكثير ممن يقطنون السكن لا يستحقون الوجود فيه أصلا لكن الواسطة إضافة لسياسة خاصة في السكن تتعلق بوجود توازن بين الجنسيات المختلفة و للآسف هذه السياسة أفسدت كثيرا و سوف ترون معي هذا لاحقا عند حديثي عن تجربتي مع أطفال السكن . أرى أن الوحدات السكنية كانت لطيفة فالشقة عبارة عن غرفتان و صالة جيدة بالإضافة لمطبخ و حمامان أحدهما كبير و الأخر صغير يستثنى من ذلك مبنى رقم خمسة الذي كان يقطنه خالي فالشقة فيها ثلاث غرف و كان هذا المبنى مخصص لأصحاب الرواتب المرتفعة و رؤساء الأقسام الذين لا يقطنون الفيلات. أما الفيلات فقد دخلتها مرة واحدة فقط قبل عودتي بحوالي ثلاث شهور بدعوة خاصة من مدير الشئون الصحية و هو شخص ملتزم و لطيف للغاية لذا لا أستطيع أن أصف الفيلا تفصيليا من الداخل لكن من الواضح أنها سكن غير تقليدي بالمرة . يوجد أيضا سكن خاص الممرضات و الطبيبات غير المتزوجات يستثنى من ذلك الأخصائيات و الاستشاريات لأن هذا السكن الخاص بالممرضات كان بسيط , و لا يسمح للرجال بدخول هذا السكن أبدا كما أن النساء لا تغادره إلا للعمل أو بإذن خاص , يوجد مبنى خاص بالعائلات و هو مبنى 14 لكنه متواضع و يقطنه ذوي الرواتب المنخفضة وغالبا يكون بواسطة و قد سكنت فيه فترة عندما جاءت و والدتي لزيارتي , أما العزاب من أمثالي فلنا سكن خاص خارج المستشفى تماما على بعد 10 دقائق سيرا على الأقدام و هناك سكن أيضا للعزاب من الشخصيات ذات الحظوة يقع داخل المستشفى فوق أحد المباني الإدارية و أهم ما يميزه أنه داخل المستشفى نفسها و قد استطاع خالي بفضل الله أن يجد طريق لأقطن هذا السكن و هو على صغره كان أفضل حالا من سكن العزاب الذي حوله الشباب هناك إلى مقلب زبالة.
تمتاز المنطقة السكنية بضخامة مساحتها و انتشار و سائل الترفيه فهناك ملعب كرة جيد و حمام سباحة مغلق رائع يعمل طوال الصيف و الشتاء و قد تعلمت السباحة هناك , أضف إلى ذلك صالة ألعاب (جيم) و قاعة النادي الترفيهي و فيها طاولات بيلياردو و بينج بونج و أخيرا قاعة ضخمة للاحتفالات و المناسبات أنشئها خالي. أما المستشفى نفسها فهي عبارة عن مبنى ضخم للغاية مكون من ثلاث طوابق و فيه جميع التخصصات تقريبا و يوجد عدة مراكز طبية كمباني منفصلة تحيط بالمستشفى مثل مركز الأمير سلطان للقلب و مركز الأورام و الغدد الصماء و السكر و عيادة الخصوبة و مركز الأسنان العملاق و مبنى منفصل للعيادات الخارجية . المستشفى و السكن يخضعان لنظام التكييف المركزي و هو رائع بشكل كبير و يضمن كفاءة طوال العام دون مشاكل غالبا. تدار المستشفيات في المملكة العربية السعودية - و أقصد بالطبع التابعة لوزارة الصحة - بثلاث أنظمة و هي على الترتيب أن يكون الموظف تابع لوزارة الصحة و هو الغالب أو أن يكون تابع لما يسمى بالتشغيل الذاتي و هو نظام خاص بالوزارة له مميزات و عيوب فهو أشبه بالقطاع الخاص من حيث طريقة التعاقد و الرواتب و هو بالطبع أكثر مرونة من الوزارة لكنه ليس مستقرا بالدرجة الكافية و أخيرا نظام شركات التشغيل و هذه الشركات تعد وسيط بين الوزارة و الموظف و هي تتكفل بالإدارة الطبية و استقدام العاملين و في المقابل تحصل على جزء من راتب الموظف و كنت أنا تابع لهذا النظام الأخير فقد كان كفيلي طوال فترة عملي أحد شركات التشغيل و مستشفى الملك فهد و هذا أمر نادر كان فيها الأنظمة الثلاثة فمركز الأمير سلطان كان يدار بالتشغيل الذاتي و باقي المستشفى كان قسمة بين الوزارة و الشركة و قد ولد هذا شعور بالظلم لدى العديد لأنه الفارق في الرواتب و المميزات كان ضخم للغاية بين الأنظمة الثلاثة و أقلها كان الشركة. سوف أتوقف اليوم عند هذا الحد فقد أطلنا للغاية و كنت أريد أن أصحبكم إلى الصيدلية كما وعدتكم لأصف لكم أول مقابلة دارت بيني و مديرها أبو صالح لكني فضلت أن أؤجل هذا لوقت لاحق حتى لا تملوا.
د.خالد الرفاعي
11-10-2008, 10:55 AM
وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ(9)
من الآن فصاعدا أيها الحبيب سوف أصحبك بإذن الله في رحلة أرجو أن تكون ماتعة و سوف يكون شعار فيها (( وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا)) و مع هذا القبس الكريم من كلام المولى الحكيم يجب أن نتذكر سنة الاختلاف التي أجراها الله بين عباده بل إن الله قد جعل هذا الاختلاف سببا للخلق كما قال في كتابه ((وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ . إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ)), و الواقع أنني و منذ هذه اللحظة سوف أحاول جاهدا أيها الكريم أن أنقل لك حقيقة التجربة التي عشتها بالفعل.
فالأمر ليس كما يظن البعض أنني شخص يروي أحداث و ذكريات مرت به لكنه أعمق من ذلك بكثير فقد كرست هذه الحقبة التي عشتها هناك للدراسة و التحليل و لا يعني هذا أنني عالم من علماء الاجتماع أو أنني أحد المصلحين الأفذاذ لكن الله سبحانه و تعالى أنعم علي بموهبة التحليل و محاولة سبر أغوار المحيطين و قد ذكرت من قبل أنني لم أكن أرغب في السفر حقيقة لكنني و لظروف كثيرة كان يجب أن أسافر لذا فقد قررت و منذ اللحظة الأولى أن يكون لهذا السفر فائدة أكبر من مجرد البحث عن عائد مادي بل أردت أن أخرج من هذه التجربة الثرية بما هو أكبر و أنفع , و أهم من ذلك كله أن يكون أبقى من المال و لا أدري هل حصلت على بغيتي تلك لكنني على الأقل استفدت تجربة إنسانية غاية في الندرة تعود لعدة أسباب منها صغر سني فقد كنت أصغر شخص تم تعينه في الكادر الطبي في المستشفى و قد مكنني هذا من التعامل مع كافة المراحل العمرية المختلفة دون أدنى صعوبة أضف لذلك الحيوية و الانطلاق التي أتمتع بها وهذه الصفة جعلت العديد من الأطباء و الطبيبات يعتمدون علي في أمور تصعب عليهم نظرا لظروف العمل و سوف يبين لنا كيف استطعت أن أستغل هذه الأمور لكسب قلوب الناس . و من الأشياء التي تعلمتها هناك فن التواصل مع الآخرين بمنظور إسلامي فللآسف الكثير منا يظن خاطئا أن مهارات الاتصال و طرق كسب الأصدقاء وتملك مشعار الآخرين و التأثير فيهم إنما هي صناعة غربية خالصة لا يوجد لها مثيل في تاريخنا و لا حضارتنا الإسلامية فأقول أنني لا أنكر أبدا على هؤلاء سبقهم في جمع هذه المهارات و ترتيبها و إعطائها الشكل الأكاديمي لكن يظل المعين النبوي المطهر لا ينضب أبدا و إن مجرد قراءة السيرة النبوية - على صاحبها أفضل صلاة و سلام - بنوع من الاهتمام كفيل بإعطائك صورة من أرقى الصور الحضارية في كيفية التعامل مع الآخرين على اختلاف مشاربهم و أتمنى لو استطاع أحد الباحثين أن يعمد إلى كتب السيرة فيستخرج منها هذه الكنوز التي تزخر بها كتب السير و الحديث النبوي الشريف لكنها تحتاج لشئ من الترتيب و التنسيق و إنها كفيلة في رأي لجعل أكبر محاضري هذه العلوم الإنسانية يغفر فاه دهشة لما صدر من الرسول صلى الله عليه و سلم في شتى المواقف الحياتية الإنسانية و هو الرجل العربي الذي نشأ و تربى في البادية و لم يحضر قط محاضرات أو قرأ حتى حرفا واجدا في كتب الاجتماع و التمنية البشرية فمن علمه هذا ؟ فتجد الإجابة كما قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن الرسول الأمين (( كان خلقه القرآن )) .
أعود فأقول إن من أمتع ما مر بي في هذه التجربة هي النظر إلى البشر بعين الدارس و مطالعة اهتماماتهم و أثر البيئات المختلفة في نشأة الأفراد و سلوكهم و كيف استطاع الإسلام أن يجمع كل هذه الأقطاب المتنافرة و بالطبع لا يمكن أن نتكلم عن هذه الإعجاز دون ذكر مصدر الإعجاز الفريد الذي تركه الملك سبحانه و تعالى بين أيدينا و هو كلامه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه , إن هذا القرآن له أثر عجيب على النفوس حتى الأعاجم فلقد رأيت كثيرا أناس يخشعون مع كلام الله من جنسيات مختلفة و هم لا يفقهون حرفا واحدا منه فسبحان الذي لو أنزل كلامه على جبل أصم لتصدع من خشية الله . كانت كل هذه الأفكار تدور بذهني و أنا أخطو خطواتي الأولى داخل المستشفى كنت أحدث نفسي فأقول أنني لم أخلق عبثا و لا يمكن أن يكون وجودي هنا مجرد مصادفة عابرة بل هناك غرض أكبر و أسمى من مجرد البحث عن المال , كان علي أن أفهم طبيعة الأسباب التي شاء الله أن يسوقني إلى هذا المكان من أجلها أو على الأقل أفهم قدر منها و لو ضئيل ,و لعل هذا ما حدث فقد اكتشفت مع مرور الوقت أنها لم تكن أبدا تجربة عادية لشخص مثلي لقد كانت اختبار حقيقي لثبات المبادئ أمام جميع المغريات المختلفة و دليل دامغ على فاعلية المنهج الإسلامي في كل مكان و زمان و ربما تكون تجربتي خاصة مع الأطفال دليل على ذلك.
كنا قد توقنا بعد مغادرتي لسكن خالي الخاص متوجها نحو الإدارة لأكمل أوراقي و بعد أن قابلت الأستاذ (أبو خالد) مدير شئون الموظفين في الشركة, الأستاذ (أبو خالد) سوداني الجنسية و هو شخص لطيف للغاية حلو المعشر و كان على علاقة طيبة بخالي و هو من سعى حثيثا لإتمام أوراقي في الأصل و قد كان حقا نعم العون و لا يضيره أبدا حبه لمساعدة بني جلدته و هذا كان من المأخذ عليه و إن كنت أرى أن كان يفعل هذا لكن ليس على حساب أحد أضف لذلك أن إدارة المستشفى الأولى- فقد تغيرت الإدارة لاحقا – كانت حريصة على سياسة فرق تسد و هذا بإعطاء كل جنسية ميزة عن الأخرى حتى لا تسود جنسية بعينها في المكان و قد أدى هذا لخلق نوع من العداء و البغضاء و إن كانت خفية بين شتى الجنسيات حتى على مستوى الأطفال !! . بعدها ذهبت مباشرة إلى الصيدلية و قد بحثت كثيرا حتى عثرت عليها فالمستشفى ضخم للغاية و بها العديد من الممرات أضف لهذا وجود عدة صيدليات في المستشفى و سوف أتكلم عن هذا بالتفصيل بإذن الله في المرة القادمة . عندما وصلت للصيدلية وجدت بابها مغلق و له كلمة سر فتوجهت نحو شباك الصرف فوجدت مجموعة كبيرة من الأشخاص يقومون بصرف الدواء عبر شبابيك الصرف المختلفة و كانوا جميعا تقريبا يرتدون الزى الوطني السعودي و مجموعة قليلة من جنسيات أخرى ترتدي البالطو اقتربت من الشباك و تحدثت إلى أحدهم و كان يرتدي ملابس عادية فأخبرته أنني الصيدلي الجديد فأبتسم بشدة و أظهر تعبير لن أنساه أبدا و وجدته يهتف (( أخيرا أنت فين من زمان ترا منتظرينك من شهور تفضل بالدخول )) . دخلت من الباب و تعرفت عليه كان هو المدير المسئول عن منطقة الصرف و اسمه خالد المطيري و هو الآن يكمل دراسته العليا في استراليا و لقد توثقت بيني و بينه أواصر الصداقة لاحقا. قام خالد بتعريفي إلى جميع المتواجدين و غالبهم من السعوديين هذا بالإضافة إلى مجموعة من الصيادلة الهنود و الباكستانيين أي أنني كنت العربي الوحيد بينهم على الأقل من الرجال.
قام خالد بإدخال أوراقي للمدير و طلب مني لانتظار قليلا حتى يطلبني الدكتور أبو صالح مدير الصيدلية و كان أبو صالح يقلب أوراقي و أنا أتابعه من الخارج فقد كان جدار غرفته من الزجاج و قد تشجعت منذ اللحظة الأولى التي رأيت فيها الرجل فهو يشبه بقدر عجيب الداعية المشهور محمد العريفي حتى في طريقة اللباس و الابتسامة . لم تمضي سوى دقائق معدودة حتى أذن لي أبو صالح في الدخول قمت فطرقت الباب ثم دخلت و في الداخل دار اللقاء الأول بيني وبين هذا الرجل اللغز و سوف أسرده لك المرة القادمة فلا تيأس بإذن الله .
i love cats
11-10-2008, 02:05 PM
يعطيك الف الف عافيه على الاكمـال الجميــل اخــوي :)
وبانتظار التكمله :o
اختك:i love cats...
Capt.HuSsEiN
11-10-2008, 02:39 PM
متابع بشغف..
تكمله موفقه لذكرياتك د.خالد الرفاعي
تسلم ايدك
طير سارة
11-10-2008, 06:06 PM
د / خالد الرفاعي
متااااااااااااااااااااابع وجزاك الله خير
بالنسبة للمستشفيات التخصصية فقد انشأت الوزارة مستشفي في كل منطقة من مناطق المملكة :)
بينما في السابق لا يوجد لديناااااا سوى مستشفي تخصصصي واحد هو مستشفي الملك فيصل التخصصي بالرياض
وللمعلومية فأن جميع موظفوا التشغيل الشامل سيتم تحولهم لنظام الوزارة مع بداية شهر رمضان المقبل :)
وسيتم منحهم نفس المميزات الخاصة بموظفي الوزارة :)
تحياتي
د.خالد الرفاعي
12-10-2008, 04:37 AM
جزاكم الله خيرا على
المرور
و التشجيع المستمر
نكمل بإذن الله
د.خالد الرفاعي
16-10-2008, 09:10 AM
أبو صالح (10)
سبحان الله ستظل شخصية هذا الرجل لغز بالنسبة لي حتى مشاعري تجاهه حتى اللحظة الأخيرة ظلت متضاربة. لا أنكر أنه ساعدني كثيرا و إنه كان يرغب في بقائي و عدم سفري و كان الجميع في الصيدلية يرى أنني مقرب منه للغاية لكن ...
لم أتوقع أن تكون مقابلتي مع أبو صالح مقابلة بالمعنى المعروف بل ظننت الأمر مجرد تعارف بسيط فقد أبرمت العقد بالفعل مع الشركة و أنا الآن داخل المملكة لذا فلم أكن مستعد لإجراء مقابلة بالمعنى المفهوم. أبو صالح له صوت عميق و نظرات أشد عمقا و هو غالبا مبتسم و أبو صالح رجل من طراز خاص تخافه و تحبه و لا تستطيع أن تعرف ما يدور بداخله بالضبط و سوف أسرد لكم بعض سماته الشخصية و منها أنه طالب علم شرعي متقدم و له أبحاث في مجال دراسة و تحقيق الحديث النبوي و قد كان هذا لأمر أحد المداخل للتعامل مع الرجل و هو صيدلي متميز من الجانب العلمي و ليس العملي و أقصد هنا الجانب الإداري مع احترامي الشديد له فقد كانت الصيدلية تدار بطريقة عشوائية ليس هناك ضابط أو رابط و من المواقف الظريفة التي لا أنساها أن زملائي في الصيدلية أقاموا لي حفل ضخم في الطابق العلوي قبل رحيلي بفترة قصيرة و كانت هناك قاعة للرجال و قاعة للنساء حيث جلست أمي مع النساء ,فعدد العاملين بالصيدلية من صيادلة و فنيين كان حوالي خمسين فرد المهم أنني نزلت للطابق الأسفل حيث تقع الصيدلية الرئيسية ففوجئت أن الجميع قد ترك الصيدلية فصارت خالية فالكل جاء ليحضر الحفلة و وجدت نفسي وحيدا في مواجهة المراجعين الحانقين و لك أن تقدر مشاعرهم عندما يأتوا لصيدلية فيها الأقل حوالي عشرون موظف فلا يجدوا أحدا البتة و ما هذا إلا مثال بسيط على سوء الإدارة !!
نعود للمدير فنجده رجل متقلب المزاج فلا تعرف هل هو عادل أم لا خاصة في قراراته الخاصة بالأجانب و في المناصب التي كانت تمنح لأشخاص دون وجه حق و في المقابل كان يسمح لي بكثير من الأشياء لم تعطى لا أحد من قبلي حتى من أبناء البلد كما كانوا يطلقون على أنفسهم باختصار شديد لم أستطع أن أحلل شخصيته و لكني أحببته في الجملة . أجرى معي أبو صالح مقابلة لم تكن جيدة بالمرة و قد تلعثمت و ترددت و تصببت عرقا ثم وعدته بأن أقوم بمراجعة مادة الفارماكولوجي ( و هي تعد العامود الفقري لأي صيدلي ) في أسرع وقت على أن يجري لي مقابلة أخرى فأخبرني أنه لا داعي لهذا فهناك امتحان للقسم شهريا للوقوف على مستوى العاملين و سوف يتعرف على مستواي من خلاله – اكتشفت لاحقا أن هذا الامتحان خاصة في قسمنا الكريم لا وزن له – سعدت لهذا الخبر و وعدته بالارتقاء بمستواي سريعا . قام أبو صالح بوضعي تحت الاختيار لمدة ثلاث أشهر و هو إجراء روتيني و في هذه الفترة كان غالب تدريبي في صيدلية المرضى المنومين و لعل هذه تكون فرصة طيبة لأصف سريعا الصيدليات الموجودة بالمستشفى. أولا هناك الصيدلية الرئيسية و هي مسئولة عن صرف الأدوية الخاصة بغالب العيادات و أيضا قسم الطوارئ و العاملين بهذا المكان كانوا جميعا من الرجال – عدا الفترات المسائية فيوجد بها نساء أحيانا - كان هناك حوالي 15 موظف سعودي و 10 من الأجانب و هؤلاء الأجانب كانوا جميعا هنود باستثناء موظفان باكستانيان و بنغالي و مصري و هو أنا و هذه الصيدلية ضخمة للغاية و يوجد بها مكتب مدير الصيدلية و كنا نحن أصحاب النصيب الأكبر من المشاكل وهذا لسببان الأول سوء التنظيم و الإدارة و هروب كثير من الموظفين أثناء اليوم فقد كنا أشبه بمولد ليس له صاحب و على صعيد أخر كان عدد المرضى يوما ضخم للغاية و تحضير الأدوية و تسجيلها على جهاز الحاسب الآلي يستغرق وقت طويل. أما الصيدلية الثانية التابعة لنا فكانت صيدلية العيادات الخارجية و هي تخدم مبنى العيادات الخارجية و هي صيدلية نسائية خالصة عدا مديرها فقد كان موظف سعودي ثم أخيرا صيدلية المرضى المنومين و هذه كانت تخدم مرضى الأقسام الداخلية و هي مختلطة نوعا ما فيوجد بها رجال و نساء لأن عدد النساء قليل و هي تحتاج لعدد أفراد أكبر.
كان المشرف الرئيسي علي هو ريس , و ريس الحق هو أحد الصيادلة الهنود الذين يقومون بمهام إشرافية داخل الصيدلية و قد أسند مهمة تدريبي الخاصة بصيدلية المرضى المنومين لأم أحمد و هي من أقدم من عملوا بالصيدلية و تعد من أشهر الشخصيات في المستشفى فهي تعرف تقريبا جميع الممرضات و العاملات. كان التحدي الأول الذي واجهني في هذا المكان كيف تكسب ود المحيطين دون أن تتخلى عن مبادئك و دون أن تميع دينك و الحقيقة الأمر لم يكن سهل فأنا و كما أخبرتكم سابقا أول مصري ذكر يحط بقدمه في الصيدلية منذ ما يقرب من عشر سنوات حيث عمل قديما صيدلي و زوجته في هذا المكان أي أنه على مدار 20 عام من فتح هذه الصيدلية لم يعمل بها سوى مصريان فقط ( أقصد رجال فهناك عديد من النساء المصريات عملوا بالمكان )!!, و لم تكن فكرة الطاقم الموجود عن المصريين جيدة أبدا لأسباب كثيرة منها أن العديد من المصريات رفضن استلام العمل في الفترة المسائية التي تبدأ من منتصف الليل إلا الساعة سابعة صباحا تقريبا و لهذا كان أبو صالح كما أخبرني هو بنفسه يكره وجود مصريين في المكان و التحدي الأخر الذي واجهني هو اختلاف ألسنة القوم و بيئاتهم و أفكارهم و أخطر من ذلك وجود نصارى في المكان بعضهم من المتشددين فكان معنا قس نيجيري و هو المسئول عن غرفة المحاليل و أخر هندي و هو أكبر شخصية علمية في القسم و يعد المصدر الرئيسي للمعلومات في الصيدلية و قد دهشت كثيرا لوجود مثل هذا العدد من النصارى داخل المستشفى و عدم إقبالهم على الإسلام على الرغم من المجهود المضني الذي يبذله العاملون بتوعية الجاليات لكني اكتشفت لاحقا أن الأمر أكبر من ذلك فالمشكلة التي تواجه الإسلام الآن ليس ضعف المنهج عياذ بالله فهو منهج رباني أصيل محفوظ من قبل رب العالمين و هو كافي بمحو أي منهج أخر من صنع البشر بما فيها الديانات المحرفة التي يتبعها أصحابها دون أي تعقل لكن المشكلة الحقيقية تكمن في المسلمين أنفسهم فهؤلاء هم النموذج الذي تراه العين و كما قال الشاعر
و فعل رجل في ألف رجل .......خير من قول ألف رجل في رجل
لذا فإننا مهما بلغنا من القوة و الحجة في الإقناع و البيان فأننا لا نستطيع أن نؤثر في من حولنا إلا إذا صرنا نحن واقع حي يمشي بين الناس كما كان النبي صلى الله عليه و سلم وصحبه الكرام .
لعل هذه النقطة الأخيرة تكون منطلق لحديث جديد و هي أشبه بزفرات مهموم قرر أن يسلك طريق العمل لدين الله فوجد الأمر شائك و الطريق طويل و الكارثة التي حلت بالإسلام للآسف على أيدي أهله تحتاج لسنوات من الإصلاح و لعل أكبر هذه الكوارث هو اختزال الإسلام في مظاهر شكلية و تعبدية و إهمال و هذه أمور شخصية بحتة و الله أعلم بسريرة فاعلها لكن المنهج الإسلامي أرقى من ذلك و أعمق فهو منهج حياة متكامل يبدأ بدخول المرحاض أعاذنا الله و يرتقي في شتى مناحي الحياة حتى يصل إلى القمة في العلاقات الإنسانية من حيث تنظيمها و تشكيلها بما يتناسب مع الفطر السوية فيخرج لنا أفضل و أرقى الصور الحضارية التي يجب أن يكون عليها الإنسان و خلاصة القول حتى نلتقي مرة أخرى أن الدين ليس لحية و نقاب .
i love cats
16-10-2008, 11:12 PM
لذا فإننا مهما بلغنا من القوة و الحجة في الإقناع و البيان فأننا لا نستطيع أن نؤثر في من حولنا إلا إذا صرنا نحن واقع حي يمشي بين الناس كما كان النبي صلى الله عليه و سلم وصحبه الكرام .
كلامك صحيح اخـووي ..
وتسلم على الاكمال الرائــع :)
وبانتظار التكمله :o
لا تطول عليــنا :D
اختك:i love cats..:o
د.خالد الرفاعي
17-10-2008, 11:37 AM
جزاكم الله خيرا على المتابعة
د.خالد الرفاعي
17-10-2008, 11:43 AM
هذا الدين (11)
لقد لفت نظري من خلال اختلاطي بالمجتمع السعودي أن المأساة التي يعيشها الإسلام ليست مشكلة عدم عصرية الإسلام كما يردد العلمانيون كبرت كلمة تخرج من أفواههم , و لكن الحقيقة أن الإسلام قد ظلم بين أهله , فالدولة السعودية تعد الدولة الوحيدة الإسلامية من حيث المنظور الشرعي فقوانين الدولة و سياستها الأصل فيها كتاب الله و سنة رسوله و هي دولة نشأت على أصول دينية بحته تقاسم زعامتها الإمام محمد بن عبد الوهاب من حيث التنظير العقدي الشرعي و شاركه الإمام محمد بن سعود القيادة السياسية و العسكرية للدولة وتمر السنوات سريعا فما الذي جدث ؟ . تجد أن المشكلة الموجودة حاليا في المملكة بالرغم من كل الجهود المبذولة لنشر الثقافة الإسلامية في أوساط المجتمع المختلفة و ما تقوم به الجهات المعنية من دعوة غير المسلمين إلا الإسلام و قد أثمرت هذه الجهود نتائج رائعة لا يمكن أن ننكرها و مع كل هذا فالهوة بين ما كان عليه أسلافنا و ما نحن فيه الآن مازلت ضخمة و تفسير هذا يحتاج لدراسة عميقة لا تسعها أبدا تلك السطور البسيطة لكني سأحاول أن أًعرج عليها سريعا من واقع تجربتي الخاصة في السعودية كنموذج لدولة إسلامية من المفهوم الشرعي .
إن الإسلام يواجه جمع من التحديات لابد أن نقف عندها وقفة متأنية و خاصة أننا أبنائه و أولى هذه التحديات أن الإسلام ليس مجرد كلمات جذابة تحويها دفتي كتاب بل هو واقع حركي حي نابض و أي محاولة لإخراجه من إطاره هذا تشويه لصورته الحقيقة الفاعلة في دنيا الناس فببساطة شديدة الإسلام مجتمع بشري حي تستطيع العين أن تراه و الأيدي أن تلمسه و ليس مجرد فكرة فلسفية مجردة و لذلك فإن مشكلة الإسلام في عصرنا هذا و إن وجد في صورة دستور و دولة كما في السعودية و لكن تظل المشكلة في الأفراد الذين يطبقونه و لا أريد أن يفهم من كلامي هذا أن الشعب السعودي لا يتخلق بأخلاق الإسلام و لكن ما أعنيه أنه ما تزال هناك هوة بين لب الإسلام و شكل المجتمع السعودي في الجملة فهو مجتمع قائم أصلا على العادات و التقاليد و هذا هو الفارق بين ما كان عليه شكل المجتمع الإسلامي و شكله الحالي. و لا أنكر تمسك قطاع عريض من المجتمع السعودي بتعاليم الإسلام الأصيلة و وجود قطاع من الملتزمين العاملين على نشر التعاليم الإسلامية بصورتها الصحيحة إلا أن الجماهير العريضة من الشعب تحتاج لخطاب دعوي أخر يعتمد على إيقاظ الجانب الروحي و يبتعد قليلا عن الطبيعة العلمية الموجودة في السعودية و أنت للآسف قد ترى أناس ظاهرهم الإلزام و لا يتورعون مثلا عن أكل حقوق الآخرين علما بأن من رحمة الله و عدله انه يصفح عن حقه – إن شاء – لكنه لا يصفح عن حقوق العباد بل يؤجلها ليوم الفصل .
وخذ عندك على سبيل المثال قضية اللحية و النقاب فهذا الأمر يعد في كثير من الدول العربية دليل على التزام صاحبه و هذه الأشياء تضع صاحبها غالبا في دائرة الالتزام لأنه اختارها بكامل إرادته و لم تفرض عليه أما في المملكة فالأمر مختلف قليلا فاللحية و النقاب عند الكثيرين عادات ليست عن قناعة تامة و هنا يبرز مكمن الخطورة الذي أردت أنوه عنه هنا فمنذ وطئت قدمي المملكة ذهلت لأشياء لمستها من أناس سمتها العام الالتزام و لكنك سرعان ما يتبين لك أن الأمر غير ذلك تماما و هذا ما جعل الكثيرين ممن لم يدرسوا هذه الظاهرة عن كثب يظنون بالالتزام و الملتزمين الظنونا و هذا عائد لعدم فهم طبيعة المجتمع السعودي و هو سائر دول الخليج تسيطر عليهم الطبيعة القبلية و التي جاء الإسلام لتذوبيها أصلا و أكرر مرة أخرى أن هذا ليس هجوم على الشعب السعودي الكريم فقد كنت ضيفا على هذا الشعب لمدة عامين كانوا من أسعد أيام حياتي و أشهد الله أن جميع زملائي في العمل تقريبا كانوا نعم الأصدقاء لي و لم أرى منهم إلا كل خير و لكني أحاول أن أنقل للقارئ الكريم جانب من طبيعة هذا الشعب خاصة و أنه يمثل صورة الدولة الإسلامية في واقعنا المعاصر و حتى لا أطيل عليكم فأني أحيل القارئ الكريم لكتاب العصبية القبلية من المنظور الإسلامي لد.خالد الجريسي فهو نافع للغاية في هذا الباب.
و هنا يتبادر للذهن سؤال هام مع علاقة ما سبق بذكرياتي في الغربة فأقول إننا في المستشفى كنا أشبه بالأمم المتحدة من حيث تعدد الجنسيات و الثقافات أضف لذلك و جود عدد ليس بقليل من غير المسلمين و منهم المتعصبين أيضا لذا فأنني كنت أحاول أن أعرف السبب في عدم إقبال هؤلاء على الإسلام بل و نفور بعضهم منه. نعم هناك الكثيرين خالطت بشاشة الإسلام قلوبهم فأقبلوا عليه لكن ظل عدد كبير على ضلاله و لم يكن السبب في هذا عدم اقتناعهم بالإسلام و لكنن الانفصام الذي رأوه بين ما نردده على مسامعهم ليل نهار حول عدالة الإسلام و أخلاقيته و بين تصرف عدد من الملتزمين ظاهريا . و عندما تحاورت مع هؤلاء عرفت أن السبب الرئيسي هو نظرتهم للمسلمين خاصة ممن يبدون في ظاهرهم ملتزمين و سوء الفهم هذا ناتج عن اعتقاد خاطئ هو أن الالتزام يساوي لحية أو نقاب و هذا لا يقلل من قيمة السمت الظاهر بل أني أرى أن هذا الهدي الظاهر هو صورة من صور التميز التي أراد الله سبحانه و تعالى أن يجعلها عنوان للأمة فأمتنا مميزة في كل شئ في ملبسها و مأكلها و مشربها و عبادتها في كل شئ بما تعنيه الكلمة حتى في نومها و دخول الخلاء فلا يفهم من كلامي التقليل من أهمية هذه الأشياء و إنما أقول أن هذه الأشياء ليست الدين بل هي من الدين و الفارق واضح للغاية و قد جاء في الحديث الذي صح عن الرسول صلى الله عليه و سلم ((إن الله لا ينظرإلى صوركم وأجسادكم وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم )) فجعل الرسول الكريم موطن النظر هو القلب و العمل و هذه هي الحقيقة.
أمر أخر في المقابل أنني قابلت هناك من يهونون من شأن الكثير من مفردات الدين الإسلامي بدعوى أنها ليست من الأصول أو أنها لا تناسب عصرنا و الأدهى من ذلك أن بعضهم أدعى أنها تنفر الغرب المتحضر - في رأيهم طبعا الشخصي – من الإسلام و هذا الرأي يحتاج لوقفات فهذه الدعوات المخلصة -حتى لا يظن احد أني أتهم أصحابها - قد هزمت و انهارت أمام ضغط واقعنا المعاصر و إضافة للهجمة الغربية الشرسة التي امتدت عبر القرون السابقة فأرادت أن توافق الغرب في بعض ما ذهبوا إليه بحجة مسايرة العصر فصارت تميع الدين و ما كانت أبدا هذه دعوة الله و لا طريق العاملين لدين الله بل هي شبهة شيطانية لاقت رواجا بين بعض أبناء الصحوة الإسلامية للآسف. إن هذا الدين وسط لا يجعل المظهر كل شئ و هو على ذلك لا يهون من أمر أي شئ فكل شئ له حكمته و مقتضاه لذا نادنا الله جميعا بهذا النداء (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوافِي السِّلْمِ كَافَّةً ) و من رحمة الله بالبشرية أن جعل هذه الأمة وسطا لتشهد على الناس فتصلح دنياهم و آخرتهم و سوف اكتفي في السطور القادمة بقل مقتطفات لصاحب الظلال رحمه الله حول تفسير آية ((وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ))
(إن الرسل عندما يكلفون حمل الرسالة إلى الناس, يكون أحب شيء إلى نفوسهم أن يجتمع الناس على الدعوة, وأن يدركوا الخير الذي جاءوهم به من عند الله فيتبعوه. . ولكن العقبات في طريق الدعوات كثيرة والرسل بشر محدودو الأجل . وهم يحسون هذا ويعلمونه . فيتمنون لو يجذبون الناس إلى دعوتهم بأسرع طريق . . يودون مثلا لو هادنوا الناس فيما يعز على الناس أن يتركوه من عادات وتقاليد وموروثات فيسكتوا عنها مؤقتا لعل الناس أن يفيئوا إلى الهدى , فإذا دخلوا فيه أمكن صرفهم عن تلك الموروثات العزيزة ! ويودون مثلا لو جاروهم في شيء يسير من رغبات نفوسهم رجاء استدراجهم إلى العقيدة , على أمل أن تتم فيما بعد تربيتهم الصحيحة التي تطرد هذه الرغبات المألوفة !
ويودون . ويودون . من مثل هذه الأماني والرغبات البشرية المتعلقة بنشر الدعوة وانتصارها . . ذلك على حين يريد الله أن تمضي الدعوة على أصولها الكاملة , وفق موازينها الدقيقة , ثم من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر . فالكسب الحقيقي للدعوة في التقدير الإلهي الكامل غير المشوب بضعف البشر وتقديرهم . . هو أن تمضي على تلك الأصول وفق تلك الموازين , ولو خسرت الأشخاص في أول الطريق . فالاستقامة الدقيقة الصارمة على أصول الدعوة ومقاييسها كفيل أن يثني هؤلاء الأشخاص أو من هم خير منهم إلى الدعوة في نهاية المطاف, وتبقى مثل الدعوة سليمة لا تخدش, مستقيمة لاعوج فيها ولا انحناء. .
ويجد الشيطان في تلك الرغبات البشرية , وفي بعض ما يترجم عنها من تصرفات أو كلمات , فرصة للكيد للدعوة , وتحويلها عن قواعدها , و إلقاء الشبهات حولها في النفوس . . ولكن الله يحول دون كيد الشيطان , ويبين الحكم الفاصل فيما وقع من تصرفات أو كلمات , ويكلف الرسل أن يكشفوا للناس عن الحكم الفاصل , وعما يكون قد وقع منهم من خطأ في اجتهادهم للدعوة . كما حدث في بعض تصرفات الرسول [ صلى الله عليه و سلم] وفي بعض اتجاهاته, مما بين الله فيه بيانا في القرآن. .
بذلك يبطل الله كيد الشيطان, ويحكم الله آياته, فلا تبقى هنالك شبهة في الوجه الصواب )
(ولقد تدفع الحماسة والحرارة أصحاب الدعوات - بعد الرسل - والرغبة الملحة في انتشار الدعوات وانتصارها . . تدفعهم إلى استمالة بعض الأشخاص أو بعض العناصر بالإغضاء في أول الأمر عن شيء من مقتضيات الدعوة يحسبونه هم ليس أصيلا فيها , ومجاراتهم في بعض أمرهم كي لا ينفروا من الدعوة ويخاصمونها !
ولقد تدفعهم كذلك إلى اتخاذ وسائل وأساليب لا تستقيم مع موازين الدعوة الدقيقة , ولا مع منهج الدعوة المستقيم . وذلك حرصا على سرعة انتصار الدعوة وانتشارها . واجتهادا في تحقيق "مصلحة الدعوة " ومصلحة الدعوة الحقيقية في استقامتها على النهج دون انحراف قليل أو كثير . أما النتائج فهي غيب لا يعلمه إلا الله . فلا يجوز أن يحسب حملة الدعوة حساب هذه النتائج ; إنما يجب أن يمضوا على نهج الدعوة الواضح الصريح الدقيق , وأن يدعوا نتائج هذه الاستقامة لله . ولن تكون إلا خيرا في نهاية المطاف .
وها هو ذا القرآن الكريم ينبههم إلى أن الشيطان يتربص بأمانيهم تلك لينفذ منها إلى صميم الدعوة . وإذا كان الله قد عصم أنبياءه ورسله فلم يمكن للشيطان أن ينفذ من خلال رغباتهم الفطرية إلى دعوتهم . فغير المعصومين في حاجة إلى الحذر الشديد من هذه الناحية , والتحرج البالغ , خيفة أن يدخل عليهم الشيطان من ثغرة الرغبة في نصرة الدعوة والحرص على ما يسمونه "مصلحة الدعوة " . . إن كلمة "مصلحة الدعوة " يجب أن ترتفع من قاموس أصحاب الدعوات , لأنها مزلة , ومدخل للشيطان يأتيهم منه , حين يعز عليه أن يأتيهم من ناحية مصلحة الأشخاص ! ولقد تتحول "مصلحة الدعوة " إلى صنم يتعبده أصحاب الدعوة وينسون معه منهج الدعوة الأصيل ! . . إن على أصحاب الدعوة أن يستقيموا على نهجها ويتحروا هذا النهج دون التفات إلى ما يعقبه هذا التحري من نتائج قد يلوح لهم أن فيها خطرا على الدعوة وأصحابها ! فالخطر الوحيد الذي يجب أن يتقوه هو خطر الانحراف عن النهج لسبب من الأسباب, سواء كان هذا الانحراف كثيرا ) ا.ه
كانت هذه وقفات سريعة مع هذا الدين و منهجه القويم الذي لا يأتيه الباطل من بين و لا من خلفه و هذا جزء من تجربتي هناك لم يكن هناك بد من المرور عليه.
i love cats
17-10-2008, 02:54 PM
الله يعز الاسلام والمسلمين ..والله يذل الشرك والمشركين..
مشكور اخوي ..وبالانتظار..
اختك:i love cats..
د.خالد الرفاعي
17-10-2008, 05:03 PM
آمين يا رب العالمين
جزاكم الله خير الجزاء
د.خالد الرفاعي
22-10-2008, 06:09 PM
و كانت الصحة هي الثمن (12)
الصحة تاج على رؤوس الأصحاء و لقد ارتبط في ذهن غالب البشر أن الأصحاء هم الأثرياء و المشاهير و رجال الدولة حتى أننا ننسج أحيانا أساطير حول هؤلاء فنظن أنهم لا يصابون بداء الهرم أبدا و الحقيقة غير هذا تماما فلكل شئ ثمن و غالبا ما يكون الثمن باهظ فحياة الرفاهية و الترف غالبا ما يكون ثمنها هو الصحة سواء كانت البدنية أو النفسية فمنذ عدة سنوات قرأت كتاب للصحفي الشهير أنيس منصور اسمه (و كانت الصحة هي الثمن) و قد تناول في هذا الكتاب معاناة مشاهير و السياسيين و كيف أن الصورة لا تعبر أبدا عن الواقع فهؤلاء الذين نراهم عادة خلف شاشات التلفاز ليسوا كما يبدون لنا فالأمراض المزمنة تلاحقهم و الآلام الجسدية و النفسية هي الثمن الذي دفعوه في مقابل هذه الشهرة .
العادات و طبيعة الشعوب و المهنة التي يحترفها الإنسان أيضا لها ثمن فعل سبيل المثال تجد أمراض عسر الهضم و سوء التغذية تطارد الشعوب الأقل حضارة و في مجتمعاتنا الشرقية تنتشر مثل هذه الأمراض لأنه لا توجد عندنا ثقافة محددة لتناول الطعام و طبيعتنا تميل للطعام الثقيل و الذي يحتوي غالبا على نسبة عالية من الدهون و في الولايات المتحدة الأمريكية تجد أن مشكلة السمنة من أخطر المشاكل التي تحاول الدولة القضاء عليها على الرغم من انتشار الوعي و الثقافة بين مختلف أفراد الشعب لكن المأكولات السريعة سببت انتشار السمنة . و في الدول المقهورة سياسيا أو اقتصاديا تنتشر الأمراض النفسية بينما تقل هذه الأمراض في الأوساط الأكثر تقدما.
و السياسيون أكثر عرضة لأمراض الشريان التاجي و الذبحة الصدرية و الآلام المفاصل و هم أكثر من يستخدمون الحبوب المنومة و هي أيضا منتشرة في أوساط الفنانين و رجال الأعمال نتيجة للضغط العصبي المتزايد. و من خلال عملي كصيدلي ارتبط هذا الأمر بذهني و لقد كنت أصاب بدهشة في البداية من تشابه الوصفات الطبية التي تكتب لفئات محددة من البشر فمثلا كان هناك قطاع كبير من أساتذة الجامعات يتناولون الحبوب المهدئة في مصر ربما يعود هذا للضغط العصبي و الإرهاق البدني و المشاكل الاقتصادية و في المقابل فالموظفين الحكوميين أكثر عرضة لأمراض السكر و الضغط .
و الآن ننتقل مباشرة لمنطقة القصيم لنثبت أن الصحة هي الثمن فعلى سبيل المثال يعاني أكثر أهل القصيم من القولون العصبي و اضطرابات المعدة و الكثير من مشاكل الجهاز الهضمي و هذا عائد لأسلوب الحياة نفسها فأهل القصيم يأكلون الأرز و اللحم مع كثير من البهارات في وجبتي الغداء و العشاء و كذلك أمراض الجهاز التنفسي نتيجة لانتشار حبوب اللقاح و كنا نصرف يوميا العشرات من بخاخات الربو أضف لذلك الكولسترول و قد كان هذا المرض من الأمراض النادرة و لكنه زاد في دول الخليج بشكل عام لارتفاع مستوى المعيشة و سوء النظم الغذائية المتبعة أضف لذلك ارتفاع درجة الحرارة و اختفاء رياضة المشي من حياة الخليجيين بشكل عام .
و من الأمراض المنتشرة بين النساء أمراض هشاشة العظام و هو مرض ارتبط بالمدنية الحديثة و يصيب النساء غالبا بعد الأربعين نظرا لقلة الحركة و عدم التعرض لأشعة الشمس أضف لذلك انتشار الخادمات من جنوب شرق أسيا في المنازل مما يجعل المرأة لا تتحرك كثيرا لذا تجد أن هذا المرض لم ينتشر إلا في العصر الحالي بينما كانت النساء فيما مضى نادرا ما يصبن بهذا المرض .
و هناك ملحوظتان رأيتهم بنفسي في الطوارئ الأولى انتشار حوادث السيارات القاتلة و هذا للآسف نتيجة لسوء استغلال الطرق في المملكة فالدولة تعتني للغاية بالطرق فتجد طرقات المدن واسعة و نظيفة و متميزة و للآسف يسئ بعض قائدي السيارات هذا الأمر فيقودون سياراتهم بسرعات جنونية و غالبا ما تنتهي بحوادث رهيبة و قد رأيت بأم عيني العديد من الشباب و هم غالبا ضحايا هذه الحوادث يلفظون أنفاسهم الأخيرة في الطوارئ .
و الملحوظة الأخرى عندما هبطت مؤشرات البورصة السعودية انتشرت حالات السكتة القلبية و الدماغية بشكل ملحوظ و كانت الطوارئ تتقبل العديد من هذه الحالات يوميا ألم أقل لكم غالبا ما تكون الصحة هي الثمن .
i love cats
23-10-2008, 06:53 PM
اي والله صادق اخــوي ..
الصحة تاج على رؤوس الأصحــاء..
والله يديــم عليـنا وعلى الأمــة الاسلاميــة الصـحه والعافيـه يـارب :o
مشكوور اخوي على الاكمال ..والى الامام..:)
اختك:i love cats..:o
د.خالد الرفاعي
24-10-2008, 08:42 PM
جزاكم الله خير الجزاء على المتابعة
د.خالد الرفاعي
24-10-2008, 08:42 PM
افعل و لا حرج (13 )
مرت ثلاثة شهور منذ وطئت قدمي أرض المملكة العربية السعودية و كانت فترة هادئة للغاية و كان شغلي الشاغل هو المراقبة , اعلم عزيزي القارئ أن لفظة مراقبة قد تستوقفك لكن تلك هي الحقيقة كنت بالفعل مشغول بمراقبة الآخرين و هي ليس عياذا بالله تجسس و لكني كنت حريص على متابعة ردود أفعال الآخرين و تصرفاتهم تجاه المواقف المختلفة فلا تنسى أن هذا المكان كان أشبه بتجمع دولي فيه الأبيض و الأسود و الأصفر جاءوا من شتى بقاع الأرض يحملون في جعبتهم ثقافات مختلفة و أحلام متفرقة ثم انصهروا جميعا بين جدران هذه المستشفى و كانت هذه الظاهرة تستحق الدراسة خاصة لشخص مثلي عنده اهتمام بالغ بفكرة عالمية الإسلام و قدرته الباهرة على إزالة الحواجز بين البشر و جمعهم على كلمة سواء و هي توحيد العبودية للخالق سبحانه و أردت أن ألمس هذه التجربة بنفسي و أن أخرجها من عقلي لأضعها في حيز التنفيذ فأراها بأم عيني تسير في دنيا الناس فاعلة كما أرادها الله سبحانه و تعالى و كما فعل الأولون حين خرجوا بالدعوة الإسلامية من قلب الجزيرة العربية فشرقوا بها و غربوا فإذا هي النور الذي سطع على هذه البشرية البائسة فأخرجها من دياجير الظلمات إلى رحاب ندية نقية تستمد نورها الساطع من معين القرآن و السنة النبوية .
و لعل هذا هو السبب الرئيسي لاهتمامي بفكرة الحج هذا المؤتمر العالمي السنوي الرائع الذي لا يوجد له أ مثيل في أي عقيدة من العقائد المحرفة التي تشقى البشرية بها الآن. و نظرا لأن الفترة الأول التي قضيتها في المستشفى كانت فترة تدريب فكان عندي متسع من الوقت و قد مكنني هذا من حضور دورات شيقة في فقه الحج و كنت في هذه الفترة قد واظبت على حضور عدد من مجالس العلم مما جعل الأشواق تستعر بداخلي رغبة في الوصول للمشاعر المقدسة .
( افعل و لا حرج ) هذا هو ملخص الحج وهي كلمات خرجت من بين شفتي قائد هذه الأمة عليه أفضل الصلاة و السلام لتضئ لنا الطريق و لترسخ في قلوبنا معنى الوسطية الحقيقية التي يتشدق بها العديد الآن ممن يريدون تميع الدين الإسلامي بحجة مواكبة العصر و سوف أتوقف معكم قليلا هنا لأعرض لكم بعض خواطري عن الحج و بإذن الله سوف أتناول تفاصيل ما جرى لي في الحج في الحلقات القادمة .
الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام و هو من أسمى و أرقى العبادات من حيث تحقيق مقام العبودية لرب البرية خاصة مع المشقة التي لا يستطيع أحد أن ينكرها كم أنه دعوة عالمية مصداقا لقول الله تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ) و الحج فيه من اللطائف و المعاني ما يعجز القلم عن وصفها و لكننا نتحسس سويا بعض هذه المعاني و نحن في هذا أشبه بالطفل الصغير الذي يحاول استكشاف العالم الفسيح بيده لصغير فمهما بذل من الجهد فهو مازال يحبو و نحن حين نتكلم عن الحج لسنا بعيدين عن هذا الطفل الصغير فقد أودع الملك سبحانه في تلك العبادة العظيمة من الأسرار ما لا يعلمه إلا الله.
و لعل أكثر ما يستوقفك في هذه العبادة العظيمة هو التيسير الذي ارتبط بها و هذا اكبر دليل على عظمة هذا الدين و روعته و الوسطية الحقيقية التي أراداها الله له فمنذ الوهلة الأولى تستطيع أن ترى هذا التيسير في قول الله ((وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا )) و قول رسوله كما جاء في الترمذي بإسناد حسن خمس من جاء بهن مع إيمان دخل الجنة و ذكر منها وحج البيت إن استطاع إليه سبيلا . فالحج ارتبط بالاستطاعة و هو أمر خاص بهذه العبادة و لا يوجد في عبادة أخرى فليس المقصود من الحج المشقة كما يتصور البعض أو كما يفعل البعض و ليس المقصود أيضا التفريط بحجة التيسير فخالق البشر يريد أن يرفع الحرج عن عباده كما قال تعالى (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) و من مظاهر التيسير في الحج أنه مرة واحدة في العمر فمن زاد فهو تطوع بينما الزكاة و الصيام و الصلاة و سائر العبادات لا تنتهي إلا بموت صاحبها أو عجزه عن القيام بها و هذا من أروع مشاهد الرحمة في ديننا الحنيف و لك أن تتخيل أيها القارئ حال الناس لو كان الحج كل عام لذا أريد من القارئ أن يتأمل معي هذا المشهد الرائع للحبيب المصطفى و لا تنسى أن تصلي عليه فعن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أيها الناس إن الله كتب عليكم الحج . فقام الأقرع بن حابس فقال أفي كل عام يا رسول الله ؟ قال لو قلتها نعم لوجبت ولو وجبت لم تعملوا بها ولم تستطيعوا والحج مرة فمن زاد فتطوع , فانظر أخي الحبيب إلى العبقرية النبوية و في تحليل الطبائع البشرية و هو يخاطب الصحابة و هم أعلى هذه الأمة عبادة و زهدا و ورعا قائلا و لو وجبت لم تعملوا بها فهذه القراءة النبوية للنفس البشرية إضافة لكون النبي مؤيد بالوحي دليل قاطع على أن هذا الدين جاء لرفع المشقة .
و من مظاهر التيسير في الحج قول الله تعالى ((وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى )) فمسألة التعجل في الحج من الأمور التي يجب أن نتوقف معها في كونها صورة من صور التيسر فمكة في فترة الحج تكتظ بالحجاج و خروج الناس على دفعات أمر بالغ الأهمية و إلا فنزوح الحجاج دفعة واحدة من منى أمر لا يتصوره عقل لذا فقد أراد الله أن يهون على مثل هذه المشقة أضف لذلك أن الحج له أركان و واجبات و أن هذه الواجبات نظرا لصعوبة بعضها فقد جعل الله لها كفارات إذا عجز الإنسان عن الإتيان بها بل إن هذه الكفارات على التخيير كما جاء في قول الله تعالى (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) و الأمر بالطبع فيه تفصيل فقهي ليس هذا محله . أما أركان الحج فهي أربعة الإحرام و الوقوف بعرفة و هو أهمها و طواف الإفاضة و السعي بين الصفا و المروة و هذه الأركان لا تسقط و يبطل الحج إذا لم يتمكن الإنسان من أدائها و على هذا فقد نال هذه الأركان حظها من الرحمة و التيسير الذي أسبغه الله على هذه لعبادة العظيمة و يظهر هذا جليا في قول رسول و هو يتحدث عن أعظم و ارفع أركان الحج و هو الوقوف بعرفة (الحج عرفة فمن أدرك ليلة عرفة قبل طلوع الفجر من ليلة جمع فقد تم حجه ) حتى ان الفقهاء قالوا لو أن شخص بعرفة لثانية واحدة فإن هذا يكفي لقبول هذا الركن العظيم .
فانظر أيها القارئ الكريم لكل هذه التيسيرات و تمعن معي في عظمة هذا الدين و انفض عن أذنيك غبار هذه الهتافات السقيمة التي يرددها المفسدون الذين يدعون الإصلاح و هم في هذا أشبه بأسلافهم الذين جاء ذكرهم في القرآن ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ ) فمنذ ظهور حركة التغريب المشئومة خرج علينا دعاة على أبواب جهنم ارتموا في أحضان الغرب و زعموا أنهم مجددون و أنهم يريدون أن يواكبوا روح لعصر فطمسوا معالم الدين و مزقوا أصوله و نعتوا مخالفيهم بالرجعية و التخلف و أن هنا اعرض لك أخي الحبيب صورة راقية لعظمة هذا الدين و لم أجرك إلى خلافات فقهية أنما عمدت إلى النصوص الصحيحة مباشرة و أنا في هذا لم أعرض عليك إلا صورة بسيطة للغاية لا تقارب الحقيقة في شئ فالحج أروع و أعظم من هذا و التيسير الذي ارتبط بعبادة الحج أروع من ان تصفه الكلمات و سوف أختم لك هذا الفصل من خواطري حول الحج بهذا الحديث الرائع فقد وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بمنى يسألونه فجاءه رجل فقال يا رسول الله إني لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذبح ولا حرج وجاء رجل آخر فقال يا رسول الله لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي قال ارم ولا حرج قال فما سئل يومئذ عن شيء قدم أو أخر إلا قال افعل و لا حرج
أمين الحب
24-10-2008, 10:29 PM
الله الله الله
عليك دكتر
,,,
تسلم
ع الطرح والأسلوب
المشوق
يعطيك العافية
و انا في انتظار ذكرياتك
ع احر من الجمر
,,,
وتقبل
مروري
المتأخر
د.خالد الرفاعي
25-10-2008, 08:47 AM
الأخ أمين الحب
بارك الله فيك
على هذا الرد الراقي الرائع
و أتمنى أن تعجبك باقي الحلقات
i love cats
31-10-2008, 02:22 AM
لا اله الا الله محمد رسول الله ..
جزاك الله خير اخوي على الاكمال الموفق والجميل :)
وبالانتظار :o
اختك:i love cats..:)
د.خالد الرفاعي
09-11-2008, 08:05 AM
الطريق إلى مكة (14)
كنت أخشى أن تفوتني فرصة الحج في هذا العام لذا حرصت على أداء هذه الشعيرة العظيمة مهما كلفني الأمر و لجأت لصديقي خالد المطيري حتى يقوم بإقناع أبو صالح بالموافقة على طلبي الخاص لأداء شعيرة الحج في هذا العام و كان أمر غاية في الصعوبة لأنه لم يمضي على التحاقي بالعمل ثلاثة شهور و غالبا ما يُسمح للراغبين بالحج بعد مرور عام على الأقل لكن رحمة الله ثم مجهود خالد المطيري إضافة لقدرتي على كسب ثقة و محبة أبو صالح يسر هذا الأمر.
هناك بعض التفاصيل الخاصة بالرحلة لن أستطيع ذكر أسماء أصحابها لأسباب خاصة لكن الطريق إلى مكة كان مثير للغاية حتى أني قررت أن أفرده بحلقة خاصة و قد وقعنا ضحية لعملية نصب كبرى سوف أذكرها بالتفاصيل و يجب هنا أن أشير إلى أن قطاع كبير للآسف من منظمي حملات الحج من النصابين و أعتقد أن هذا الأمر لا يستطيع أن ينكره أحد و قد استغلوا هذا العبادة الرائعة للنصب على عباد الله و استغلالهم أيما استغلال . عندما علمت أن مدير الصيدلية قد وافق على طلب الحج قررت الانضمام لأحد الحملات التي تذهب للحج و الحملة لمن لا يعرفها هي رحلة تنظمها شركة معينة و تكون مسئولة عن تنظيم رحلات الحج و العمرة و هناك العديد من الشركات المحترمة التي استمتعت فعلا معها في رحلات العمرة لكن كما قلت توجد العديد من الشركات التي تمارس النصب علانية دون أدنى رادع , المهم أني علمت أن أحد أطباء المستشفى قد اتفق مع أحد الشركات ليقوم بحجز عدد من الحفلات لأطباء و طبيبات المستشفى فقمت بالاشتراك في هذه الحملة لكني قررت أن أكتفي بدفع قيمة المواصلات فقط لأن أحد معارفي في مكة قرر استضافتي في أيام الحج و قال أنه لا داعي لأن أدفع مبلغ الإقامة و سبحان الله لقد استفدت من هذا الأمر استفادة شديدة .
في هذا الوقت حضرت عدد من الدورات في الحج و شرح باب الحج من كتاب دليل الطالب للشيخ أحمد الصقعوب فك الله أسره و كان الشيخ حفظه الله يشرح باب الحج بأسلوب رائع و جذاب و قمت بتجهيز العديد من الأشياء لتساعدني خلال فترة الحج و في اليوم الموعود حزمت حقائبي و ذهبت أمام بوابة المستشفى لانتظار الحافلة التي ستقلنا إلى مكة و منذ اللحظات الأولى شعرت بشئ في صدري فقد طال انتظارنا للحافلة ما يقر من ساعتين و كان الطبي و هو مشرف الرحلة يجري العديد من الاتصالات و وجه متغير و كلما سألنه قال لا تقلقوا أمر بسيط المهم بعد طول انتظار وصلت سيارة نقل القمامة و لا تعجب من هذا المصطلح فمهما حاولت أن أصف لك يا عزيزي شكل الحافلة فلن أفلح فبمجرد أن فتحت أبواب الحافلة سقطت علينا أكوام من مخلفات الطعام ناهيك عن رائحة الأتوبيس و هي أشبه برائحة قبر فتح بعد عشرات السنوات و عندما سألنا السائق و هو هندي لطيف للغاية قال بعربية ركيكة (( رحلة مدرسة ... أيش سوي أنا )) , قلت لنفسي (( يا خالد لا جدال في الحج )) و كظمت غيظي صعدنا الحافلة و كانت منظر المقاعد مزري فهي تكاد تكون خالية من الحشو و الممر ملئ بالمخلفات و هناك رائحة بشعة تنبعث من الحمام لكن ... لا جدال في الحج.
انطلق الأتوبيس يتهادى على الطريق أشبه بجمل من العصر السحيق في طريق غير ممهد و مع كل مطب كنا نشعر أن ضلوعنا قد تكسرت أضف لهذا السيمفونية الرائعة التي كانت تصدر من محرك السيارة فلا تستطيع من شدة جاذبيتها أن تغلق عينك و ولو لدقيقة واحدة و الحقيقة أني شعرت أن الحافلة المسكينة عنده ربو مزمن و هو أمر يعاني من غالب أهل منطقة القصيم , أما التكييف فحدث و لا حرج فكان شديد البرودة و لا يمكن تغيير درجة حرارته و كان الجميع يرتجف من شدة البرد و أسنانا كانت تصطك و لا نستطيع أن نتلكم ثم تغير الحال بعد فترة فهطلت الأمطار داخل الحافلة و لا تعجب من هذا اللفظ فقد حدث تسريب للتكيف و خرجت منه المياه أشبه بالأمطار فقام أحد الأطباء ليخبر السائق فكان قدره أن تحول المطر لسيل غامر فقد انهار التكيف فجأة و سقطت كل المياه فوق رأس المسكين و صار أشبه بطائر صغير مبتل لكن ............ لا جدال في الحج.
العجيب أن الناس لم تتبرم عدا رجل كبير في السنة كان مرافق لأبنته الطبية فكان دائم التبرم و ابنته تحثه على الصبر أما باقي الركاب فكانت حالتهم معقولة نسبيا و فجأة اشتدت حالة الربو عند الحافلة و صارت تسعل و تشهق بقوة ثم توقفت تماما و شعرنا بأنها تلفظ أنفاسها الأخيرة و مرت عشرات الأحداث من شجار مع السائق و مكالمات مع أبو ترك و هو صاحب الشركة و كان في حافلة أخرى و بعد مرور عدة ساعات أفاقت الحافة من غيبوبة السكر و انطلقت مرة أخرى و لم تمضي ساعة حتى عاودتها النوبة فأرسلوا لنا حافلة أخرى و استغرق هذا الأمر عدة ساعات و جاءت الحافلة و كانت جيدة نوعا ما مقارنة بحافلتنا العجوز الشمطاء لكنها كانت صغيرة و لا تسعنا جميعا و كاد بعض الركاب أن يفتكوا بالسائق المسكين و هو لا يعرف من العربية إلا النذر اليسير و طبعا صاحب الشركة حريص على هذا.
المهم بعد عدد من المحاولات لإنقاذ الحافلة و إعادتها للحياة أفاقت مرة أخرى و انطلقنا على بركة الله و لم تحدث مشاكل أخرى حتى و صلنا الميقات و هنا يجب أن أوضح شىء وهو أن غالبا مثل هذه الرحلة في الأيام العادية أقصد العمرة تستغرق 12 ساعة تزيد أو تنقص قليلا و في الحج تصل ل 18 ساعة تقريبا لكن ما حدث أننا وصلنا الميقات بعد مضي 20 ساعة أو أكثر فلك أن تتخيل الحالة التي كنا نمر بها لكن الشوق للحج و لهذه المشاعر المقدسة طغى علينا و جعلنا ننسى كل ما مر بنا و أني أقسم بالله أني قد اختصرت بشدة ما جرى لنا في هذه الرحلة و إلا فما ذكرته لا يساوي معشار ما حدث فعلا ناهيك عما فعله أبو ترك في الميقات كانت مفاجأة من العيار الثقيل طغت على كل ما حدث لكن لهذه المفاجأة بقية أرويها في الحلقة القادمة إن شاء الله
د.خالد الرفاعي
09-11-2008, 08:16 AM
دماء الحجاج (15)
كان قد مضى ثمان ساعات تقريا ونحن في ميقات السيل الكبير و بدأ صبر الجميع ينفد وكلما سألنا أبو ترك أو الطبيب المشرف على الرحلة كانت الإجابة نحن في انتظار التصاريح و لمن لا يعلم هناك تصاريح للحج تصدرها الدولة لراغبي الحج حتى تنتظم الأمور ونظرنا لجهلنا الشديد استطاع أبو ترك أن يخدعنا و أدعى أن التصاريح في مكة و أنه في انتظار شخص سوف يحضرها و لكننا مع مرور الوقت شعرنا بالمكيدة الذي دبرها لنا هذا المخادع . أجريت عدة اتصالات مع خالي و كنت أمازحه و سألته عن حكم الضرب بدون سباب للمحرم فضحك و قال لي يجوز إذا أيقن الحج أنه لا أمل له في إتمام حجه .
كان أبو ترك يجلس على قهوة منذ الصباح الباكر و يدخن الشيشة في برود عجيب و لا تعجب للآسف هناك من يدخنون الشيشة في منطقة الميقات و غالبا ما يكونوا من أصحاب الحملات !. ثم جاء الطبيب و أخبرنا أنه يمكننا الآن التحرك لن التصاريح قد وصلت لكن لم تصل سوى تصاريح لحافلة واحدة و نحن أربع حافلات فسوف نقوم بإدخال حافلة و بعد مرورها سوف نرسل التصاريح لحافلة أخرى.
كان هذا بالطبع جزء من برنامج النصب الذي أعده لنا المدعو أبو ترك و للآسف قام الطبيب و هو من الشخصيات المعروفة بالمستشفى بتغطية هذا النصاب و كان طوال الوقت يمدحه ويقول عنه انه شخص طيب و محترم ( لا أعرف كيف يقول عنه هذا و هو يشرب شيشة في الميقات ) لكن هذه ظروف خاصة خارج عن إرادة الجميع . طبعا لم تنجح تلك المحاولات و اتضح أنه لا توجد تصاريح و استغرق الأمر عدد ساعات أخرى و كان الكيل قد فاض بالناس و كادوا يفتكون بأبو ترك و هنا قرر أبو ترك أن يتحرك و يخرج من بروده الشهير و يترك الشيشة التي لم تفارق يده منذ الصبح الباكر فوقف بيننا و ألقى علينا خطبة عصماء كدنا أن نبكي منها - لكننا كنا نعلم انه كذاب أشر فلم نشعر نحوه بأدنى شفقة - و قال أبو ترك أنه تعرض لعملية نصب و أن هناك شخص في مكة أخبره يستطيع أن يساعده على دخول مكة بدون تصاريح طبعا ضحكت و نظرة إليه و أنا أقول لنفسي نصاب تعرض لعملية نصب ! .
المهم في النهاية قال أبو ترك هناك حل أخير و هو الدخول سيرا على الأقدام عبر الجبال و سوف تمر الحافلات خاوية ثم تلتقطنا من موضع معين وافقنا لأننا كنا في مساء اليوم الثامن و الناس قد بلغ بها الجهد مبلغه . لن أطيل أكثر من ذلك المهم بطريقة ملتوية استطعنا أن نصل مكة أخيرا. و أعذرني أيها القارئ الكريم على الألفاظ التي استخدمتها مع هذا المخادع لكنه بالفعل يستحق ما هو أكثر من ذلك و الحمد لله أني لم أكمل رحلة الحج معه فقد أقمت مع احد معارفي و أكملت الحج وحيدا لكني أحببت أن أذكر هذه التفاصيل حتى أنقل للجميع أن أمثال هذا الرجل هم السبب الرئيسي في كثر من الصعوبات التي تواجه الحجاج في الحج أما الدولة السعودية فهي تبذل قصارى جهدها لكن لا يمكن لدولة في العالم أن تسيطر على كل هذه الأعداد الغفيرة و ما مر بي خلال الرحلة جزء بسيط جدا مما حدث لباقي الركاب الذين أكملوا مع هذا الرجل فقد تسبب في سرقة حقائبهم و خدعهم في يوم عرفة و لم يجدوا لهم مكان و المفترض أنه تقوم الحملات بتوفير خيم مجهزة للحجاج في عرفة بل قام و قام بإنزال الرجال في مكان و النساء في مكان آخر و ظل الجميع يبحثون عن بعض طوال اليوم و كاد البعض أن يهلك و بعض الأزواج لم يروا زوجاتهم إلا في نهاية اليوم التالي ! .
أضف لهذا أن هذا النصاب بالاشتراك مع الأربعين حرامي أقصد مع عدد من النصابين قاموا بتأجير أماكن المبيت في منى لعدة حملات فلم يستطيع الناس أن يجدوا مكان للنوم و دارت بين الناس العديد من المعارك بسبب هذا .
لقد لقى في هذا العام 364 شخص حتفهم و كنت أن هناك في تلك اللحظات و السبب الرئيسي في رأي ليس تقصير الدولة كما يدعي البعض و لا التشدد و عدم الأخذ بالرخص بالرمي قبل الزوال فهذا افتراء مع احترامي الشديد لأصحاب هذا الرأي فقد رميت وقت وقوع الحادث بكل سهولة و يسر و هذا قبل بناء الجسر الجديد لكن السبب الرئيسي هم المتاجرون بدماء الحجاج أبو ترك و الأربعين حرامي .
Capt.HuSsEiN
09-11-2008, 05:32 PM
لا حول و لا قوة الا بالله
للأسف الشديد حتى في اعظم العبادات
بدلاً من ان يمدوا للحجاج يد العون طلبا للأجر..
يستغلونهم طمعاً في المال !!
الله يعطيك العافيه د.خالد الرفاعي عالمجهود الطيب
و جزاك الله خيراً
i love cats
09-11-2008, 10:24 PM
لا حول ولا قوة الا بالله..
والله ابو ترك وامثالهم حسابهم عند الله عز وجل.
وجزاك الله خير على الاكمــال ..
ونحن بالانتظــار :o
اختك:i love cats..:)
د.خالد الرفاعي
11-11-2008, 09:26 AM
جزاكم الله خير الجزاء على المرور و التشجيع
د.خالد الرفاعي
11-11-2008, 09:26 AM
على عرفات الله (16)
وصلنا مكة بعد صلاة المغرب تقريبا وكنا في غاية الإرهاق و التعب لكن فرحة الوصول و شعورنا بأننا قاب قوسين أو أدنى من أداء مناسك الحج جعلنا ننسى كل ما حدث لنا في الطريق. و فور وصولي انطلقت مباشرة للفندق و تركت حقائبي و ذهبت لأداء جزء من المناسك و هي طواف القدوم و سعي الحج لأنني حججت مفردا في هذا العام و الحج لمن لا يعرف على ثلاث مراتب و هي التمتع و القران و الإفراد ، و التمتع هو أفضلها على الإطلاق لقول رسول الله صلى الله عليه و سلم " لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت ولولا أن معي الهدي لأحللت " و لا أريد أن أدخل بك عزيزي القارئ في مسائل فقهية لذا أكتفي بما ذكرت هاهنا.
فرغت من أداء الطواف و السعي و كل ذرة في جسدي تصرخ مطالبة بنيل حظها من الراحة و إلا أعلنت العصيان و توقفت عن عملها لذا قررت الإذعان لمطالب جسدي المنهك و ذهبت إلى الفندق لأنام حتى صلاة الفجر حتى يمكنني أداء المناسك على أكمل وجه و لم أكد ألقي جسدي المكدود على الفراش حتى داعب النوم جفوني و سقطت في بئر سحيق لا أدري بما يدور حولي و لكن كعادتي دائما ما أجد مفاجأة كالعادة تنتظرني حتى تطير النوم من عيوني و تخرجني من سباتي العميق فقد انطلق فجأة هاتفي المحمول يصرخ مطالبا إياي بالاستيقاظ من النوم و لو كان هذا الهاتف رجلا لقتلته فقد كان النوم في هذه اللحظات أغلى شيء .
رفعت الهاتف إلى أذني و أنا في غاية الضيق و التعب و جاء صوت محدثي عبر الهاتف يسألني باللطف (( أنت نمت و نسيت يا خالد ؟))
أجبت طبعا بكياسة (( أبدا أنا مستيقظ و كله تمام !!)) طبعا سألت نفسي من المتكلم و نسيت ماذا لا أدري ؟!!
قال المتحدث (( إذا أنا في انتظارك حالا في الحرم و معي زياد لا تتأخر!! )بمجرد سماعي لأسم زياد تذكرت كل شيء كان المتحدث طبيب أسنان معنا في المستشفى جاء هو و زوجته لأداء فريضة الحج و عنده طفل لطيف أسمه زياد عمره حوالي عام و كان الطبيب يبحث عن شخص يحمل الطفل ريثما ينتهي هو و زوجته من أداء المناسك و طبعا كان هذا الشخص هو أنا و قد اخبرني الطبيب قبيل الحج بعدة أيام بأنه سوف يترك لي زياد لعدة ساعات حتى ينتهي هو و زوجه من أداء المناسك فوافقت دون تردد لكن مشقة السفر جعلتني أنسى الأمر حتى جاءني صوت الرجل عبر الهاتف ليذكرني يزيزو (زياد) .
زياد طفل صغير جميل ما شاء الله و مثل غالب الأطفال الحل الوحيد لشد انتباهه هو أن يرى أمام عينه لعبة لطيفة فكان المفترض مني و لمدة ثلاث ساعات - و الإجهاد يكاد يقتلني - أنا ألعب مع زياد و أشد انتباهه حتى لا يبكي و كان يجري حولي في كل مكان و كلما رأى امرأة منتقبة صرخ ماما... ماما . لم اصدق عيني حين عاد أبوه و أمه فقد كنت على شفا انهيار عصبي وحمدت الله أنني لم أفقد أعصابي فقد كان زياد قد بدأبيتململ ويبكي و يأبى الجلوس أو النوم.
عدت مجددا إلى الفندق و كانت الساعة الواحدة صباحا تقريبا و أوصيت عامل الفندق أن يوقظني لصلاة الفجر لأني لن أستطيع أن أستيقظ بنفسي و مرت ساعات و أنا نائم ثم استيقظت و عندما نظرت في الساعة كانت عقاربها تشير للسابعة شعرت ساعتها بضيق نفسي شديد لضياع صلاة الفجر صبيحة يوم عرفة و كدت أبكي من الحزن و أردت أن أدق عنق العامل لأنه لم يوقظني لكني تذكرت أنني محرم فقررت الصفح عنه لعله انشغل أو نسى. قمت و توضأت و أديت الصلاة ثم خرجت إلى ساحة الفندق فلم أجد أي شخص كان الفندق خالي تماما فقد خرج الجميع منذ الصباح الباكر إلى عرفة فقررت الذهاب وحيدا و بمجرد خروجي من الفندق شعرت أن مكة كلها قد أصبحت لون واحد و أن ربوعها قد اصطبغت باللون الأبيض كانت مكة عن بكرة أبيها تسير نحو عرفة و هو مشهد يهز الوجدان و يبعث في النفس خشوع عجيب لا يشعر به إلا من رآه الغريب أنني و حتى هذه اللحظات لم أكن أدري الخطوة القادمة نعم أنا قرأت عن مناسك الحج باستفاضة لكن القضية كانت غير هذا تماما فالمفترض أن الرجل الذي استضافني كان سيأخذني معه لأحد المخيمات في عرفة و لكنه يبدو أنه في غمرة الأحداث نسى الأمر و كان جواله مغلق و الوصول لأي شخص في هذا الوقت عن طريق الجوال من دروب المستحيل لذا كان علي أن أبحث عن حل أخر و كان أمامي خياران الأول الاتصال بخالي و هو ضابط شرطة و كان مشرف على حجاج القرعة المصرية و الأمر الأخر الاتصال بأصدقاء لي جاءوا للحج هذا العام و قد حاولت جاهدا الوصول إلي أي منهم و لا يمكن أن تتصور عزيزي القارئ مدى صعوبة الأمر فوسيلة الاتصال الوحيدة هي الهواتف النقالة و هي تكاد تكون عقيمة في هذا اليوم و الأصوات دائما تأتي متقطعة و استطعت بعد جهد جهيد أن ألقى صديقي إبراهيم سيف وقد استغرق هذا الأمر حوالي 5 ساعات تقريبا كل هذا و أن أتنقل على عرفة سيرا على الأقدام و كنت في هذه الأثناء أحاول أن أذكر الله كثيرا و أقرئ أحيانا بعض آيات الله . و لم أستطع طوال هذه المدة أن أجلس و لو لحظة واحدة فقد كانت الطرقات ممتلئة تماما ، و كنت قد قابلت حاج باكستني تائه و ساعدته حتى وجد بعض معارفه أما إبراهيم في طريق للوصول إلي فقد ساعد العديد من الحجاج التائهين و أنا أرى أن باب تفريج الكرب في الحج من أعظم الأبواب و التي قد يغفل عنها الكثير بحجة أنه قد أتى لأداء المناسك و أن هناك مختصين للقيام بمثل هذا الأمر و هذا مع كامل احترامي فكر سقيم فهؤلاء المكروبين في حاجة ماسة للمساعدة فاللغات مختلفة و الأماكن متشابهة و الطرقات شديدة الزحام و السلطات مهما بذلت من مجهود لن ستطيع خدمة هذا الجمع الغفير لذا فمهمة رفع المشقة عن الآخرين لا تنحصر أبدا في الجنود و الضباط إنما هي مهمة جماعية بالمقام الأول .
التقيت إبراهيم و كنت في غاية السعادة لهذا و كنت قد عثرت أيضا على المخيم الموجود فيه خالي كما يقولون (( عصفورين بحجر واحد )) تجولنا قليلا ثم تركته لأعود مرة أخرى لخالي و هنا سوف أتوقف قليلا عن سرد الأحداث لأنقلكم مباشرة إلى هذا المكان الرائع عرفات الله .
عرفة منطقة شاسعة فيها سكون عجيب يطلع إليها الله سبحانه وتعالى ليباهي ملائكته بطاعة عباده له و في عرفة تسكب الرحمات و العبرات و تخشع الأصوات و ترتفع أكف الضراعة، في عرفات الله وقفات و تأملات لا تحصيها كلمات و لا تحويها كتب فكيف تصف تلك الوجوه الناضرة التي هي إلى ربها ناظرة و كيف تكتب عن تلك المشاعر الراقية و الأحاسيس المرهفة لقد جاء هذا الجمع الغفير شعث غبر لا يرجون شيء إلا رحمة الخالق سبحانه و تعالى .
الحج عرفة و لا عجب في ذلك فما يري يوم أكثر عتيقاً ، و لا عتيقة من يوم عرفة لا يغفر الله فيه لمختال كما جاء عن الهادي البشير صلوات ربي و سلامه عليه و ما رئي الشيطان يوماً هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أغيظ ولا أذل فيه من يوم عرفة فهو يوم مفاصلة و فيه يتحرر الإنسان من عبودية المادة التي طغت على واقعنا المعاصر بتحرره من ثيابه و زينته و تركه ليس للمحرمات فقط و إنما لجانب من الأمور المباحة شرعا لكن أراد الله سبحانه و تعالى لعباده في هذا الموقف الجليل أن تتحرر أجسادهم و قلوبهم من كل رابط أرضي لتحلق هذه الأرواح في سماء الرحمة و لتذوق لذة و حلاوة المناجاة بعيدا عن صخب الحياة و أنواء الواقع و مشاغل الدنيا.
الحج عرفة كيف لا و قد بلغ منا الجهد مبلغه و أنهكنا الجوع و العطش و صارت الأفئدة تسعى حثيثا لطلب الرحمة من رب العباد لقد جاء هؤلاء البشر من بقاع شتى يرجون رحمة ربهم و يخافون عذابه و ما بُذلت الأموال و لا أُجهدت الأبدان إلى لهذا الهدف السامي إرضاء الله سبحانه وتعالى و هو مفتاح دار السعادة التي لا تقاربها دار في أرضنا هذه أبدا و لا تضاهيها لقد ارتفعت الأيدي بالدعاء في هذا اليوم و اختلطت الأصوات و انشرحت الصدور بذكر ربها الغفور و نزلت السكينة و غشيت تلك البقعة المباركة الرحمة ، اللهم ما تقبل منا و تابع لنا بين الحج و العمرة و ارزقنا الإخلاص في الأقوال و الأعمال.
Jameel2006
11-11-2008, 11:50 AM
بكل صراحة
موضوع رائع جداً
وطرح شيق
واسلوبك يادكتور في الطرح
يجعل القاري يعيش معاك واقع الاحداث
في انتظار بقية الاحداث الواقعية
سلمت اناملك
وجزاك الله الف خير
د.خالد الرفاعي
11-11-2008, 12:26 PM
بكل صراحة
موضوع رائع جداً
وطرح شيق
واسلوبك يادكتور في الطرح
يجعل القاري يعيش معاك واقع الاحداث
في انتظار بقية الاحداث الواقعية
سلمت اناملك
وجزاك الله الف خير
جزاك الله خير الجزاء علهذه الكلمات الرقراقة و التي تدفعني دفعا لإكمال هذه الذكريات
بارك الله فيك
i love cats
12-11-2008, 03:44 PM
حجا مقبولا ان شاء الله :o
يعطيك الف عافيه على الاكمال الرائــع :)
اختك:i love cats..
د.خالد الرفاعي
18-11-2008, 08:11 AM
مشاهد لا أنساها (17)
هناك مشاهد و مواقف لا بمكن أن تُمحى من ذاكرة المرء أبدا ، و لعل مشاهد الحج من أروع المشاهد التي رأيتها في حياتي فهي تحمل في طياتها حكم و عظات و منها المبهج و منها ما يدعو للأسى و قد رأيت أنه ما دمنا قد تكلمنا على الحج فلا مانع من تسجيل بعض هذه المشاهد و طرحها بين يدي القارئ الكريم .
من المشاهد الرائعة مشهد الإفاضة من عرفات إلى مزدلفة و يشبهه كثيرا مشهد رمي الجمرات فالناس كلها تسير في اتجاه واحد و كأنه يوم الحشر يوم يحشر الناس إلى ربهم و ترى في عيون البشر هذه الرغبة و الرهبة فيما عند ربهم من رحمات لا تنضب مغفرة تسع أهل الأرض جميعا لو اخلصوا السير في طريق الله . و لقد كان هذا المشهد و ما يزال من أكثر مشاهد الحج الماتعة التي تؤثر في قلب كل من شاهدها و قد قمت بتصوير هذا المشهد الرائع بجوالي المسكين الذي لفظ أنفاسه الأخيرة بعد عودتي للقصيم مباشرة كما أخبرتكم آنفا !.
و كنت قد اضطررت للسير من عرفة لمزدلفة لأن الأتوبيس قد يستغرق عشرات الساعات و أنا بطبيعتي لا أستطيع المكوث في مكان واحد لفترة طويلة ، و قد تركت خالي في الثانية صباحا لأن الطريق كان متوقف تماما و قررت أن أسير على قدمي حتى وصلت منى مع مطلع صلاة الفجر في واحدة من أمتع المرات التي سرت فيها على قدمي إن لم تكن أمتعها على الإطلاق أما خالي فقد وصل مع باقي الفوج حوالي الساعة 11 صباحا في اليوم التالي ! .
من المشاهد المؤثرة مشاهد مساعدة المحتاجين في الحج فمنهم التائه و المريض و الفقير و هذا في رأي الخاص هو أعظم أبواب الأجور و الحسنات في الحج بل لعله و الله أعلم من حكمة الله حين شرع هذه الفريضة للأمة فرفع البلاء عن أمثال هؤلاء إنما هي رحمة جعلها الله في قلوب عباده و كم كنت أشعر بسعادة بالغة حين أرى مجموعة من الشباب يسيرون مع رجل أو امرأة على - اختلاف الجنسيات و الثقافات – يمدون له يد المساعدة و يبحثون معه عن مكان الفوج الذي جاء معه هذا الرجل أو المرأة ، و على قدر الحزن الذي كنت أشعر به نحو هذا المسكين لفقدانه أهله و أصدقائه على قدر ما كانت تملأ قلبي فرحة عارمة أن جعل الله في هذه الأمة رحمة يعطف بها القوي على الضعيف و الغني على الفقير فترى ملحمة عظيمة في رفع الظلم و نشر العدل و كانت لي تجربة لطيفة مع امرأة في السبعين تقريبا من عمرها صينية الجنسية و جدتها تقف مع أحد الجنود و هو يشير لها في عدة اتجاهات محاولا أن يشرح لها شيء بالطبع هي لم تفهم و لو هو استطاع أن يشرح فتبرعت على الفور بالتدخل في الحديث فأنا أجيد الإنجليزية و جال بخاطري أن هذه المرأة و لا شك تعرف على الأقل النذر اليسير من الإنجليزية مما يجعلني قادر على التعامل معها ، و شعر الجندي أن رحمة من السماء قد نزلت عليه حين رآني أتحدث إلى المرأة بلغة لا يفهمها هو أما أنا فشعرت بخطر شديد فالمرأة لا تعرف حرف واحدة من اللغة الإنجليزية وتتحدث الصينية فقط ، نظرت حولي في حيرة شديدة فمعي الآن امرأة صينية عجوز لا تفهمني و لا أفهمها و تريد العثور على أسرتها و بالطبع معلوماتي عن الصيني كمعلومات الحاجة أم السيد بائعة الخضروات المجاورة لمنزلنا عن الخريطة الجينية أي أنها تساوي صفر بل ربما دون الصفر بقليل من هذا المنطلق قررت أخذ هذه المسكينة إلى مركز الحجاج التائهين كان هذا صبيحة يوم النحر بعد أن قمت بإلقاء الجمرات ظللت أسير في طرقات منى في محاولة للعثور على المركز لكن الأمر كان شاق للغاية فالزحام لا يوصف و الناس تجري في شتى الاتجاهات بعد أن انهوا أعمال يوم النحر ليتحللوا من ملابسهم و كان من الصعب جدا أن تجد من يستمع إليك و قد حاولت التحدث إلى العديد من ذوي الملامح الآسيوية لكن دون جدوى فلم أعثر على شخص يجيد الإنجليزية ثم كان أن هداني الله لأصل إلى أحد مخيمات الحجاج الأمريكان ففوجئت أن غالبهم من المصريين الحاصلين على الجنسية اأمريكية ، و استقبلني شاب مصري بحفاوة بالغة و قرر مشاركتي رحلة البحث عن مكان هذه المرأة و أخيرا استطعنا أن نجدد حجاج صينيين أخذوها معهم لينتهي أحد المشاهد التي لا أنساها .
و من المشاهد المبهجة أن تلقى قدرا أو بموعد مسبق أحد معارفك و قد كانت سعادتي غامرة حين لقيت خالي و بعض أصدقائي و على رأس القائمة أخي الحبيب د/ حازم شومان وهو أحد الدعاة الشباب المعروفين في مدينتي و قد نمنا سويا على أحد أرصفة منى و لم يكن معنا سوى غطاء واحد صغير جدا و الطقس شديد البرودة فكان دكتور حازم يستيقظ ليضعه علي و ينام دون غطاء فاستيقظ أنا من فوري لأضعه عليه مرة أخرى و هكذا طوال الليل . و قد التقيت أنا و دكتور حازم مع أحد الدعاة المشهورين جدا و له العديد من البرامج حاليا في الفضائيات و هو الدكتور صلاح سلطان وهو يشغل حاليا منصب المستشار الشرعي للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية و وزارة الشئون الإسلامية بمملكة البحرين ، و كان لقاء شيق للغاية تحدثنا فيه عن عالمية الإسلام و النوازل الفقهية والتيسير في الحج و قد طلبت منه مراسلته و التواصل معه ثم نسيت الأمر بعد ذلك .
و من اللطائف أنه في أخر ليلة من ليالي التشريق قابلت دكتور شريف القطب و هو صديق عزيز و صاحب الصيدلية التي عملت بها بعد تخرجي و أخيرا كنت استقل حافلة في طريقي إلى منى قادما من مكة ففوجئت بان الرجل الذي يجلس خلفي تماما هو ضابط أمن الدولة الذي فابتله في مدينة المنصورة قبل سفري فلم أتمالك نفسي من الضحك !.
و كانت مثل هذه اللقاءات التي يدبر لها الملك سبحانه و تعالى أفضل و أمتع من اللقاءات التي نعد لها مسبقا و هناك عشرات المواقف المشابهة لا أريد أن أثقل كاهل القارئ الحبيب بها.
أما أفضل موقف مر بي أنا شخصيا في الحج و أسأل الله العظيم أن يتقبله مني و أن يجعله خالصا لوجه هو ما حدث صبيحة يوم الثاني عشر من ذي الحجة فلسبب غير مجهول قامت البعثة المصرية عن بكرة أبيها برمي الجمرات ليس فقط قبل الزوال و لكن قبل صلاة الفجر و العلماء إن كانوا قد رخصوا في الرمي قبل الزوال فقد جعلوا وقت الرمي يبدأ مع صلاة الفجر أما أن يلقي الناس لليوم الأخير قبل الفجر فلم أسمع به أبدا و قد حاولت أن أثني أعضاء البعثة عن هذا و قلت لهم إن أردتم أن تأخذوا بالرخصة فلا مانع و الله أعلى و أعلم و لكن ألقوا بعد الفجر أما أن تلقوا قبل الفجر فلم نسمع بهذه الفتوى أبدا و بالطبع ذهب كلامي أدراج الرياح فقد كانت التعليمات أن تغادر البعثة المصرية منطقة منى و تتجه إلى الفنادق قبل صلاة فجر يوم الثاني عشر من ذي الحجة ، قام الناس بإلقاء الجمرات و عادوا مجددا للمخيمات في انتظار تعليمات المشرفين للتوجه للحافلات و هنا أسمح لي أيها القارئ أن أشرح لك بتفصيل بسيط نظام المخيمات حتى تفهم تحديدا ما حدث في هذه الليلة ، المخيمات عبارة مجموعة خيم خراسانية يجمعها سور واحد و كل مخيم له رقم فلنفترض مثلا (16) فيكون المخيم (16) هذا هو مساحة الأرض التي تحوي عدد أخر من الخيام كل خيمة لها حرف أبجدي و يقطنها حوالي 25 شخص تقريبا و الحافلات مكتوب عليها رقم المخيمات بترتيب معين فمثلا الحافلة (16- أ) تعني الخيمة (أ) في المخيم (16) و هكذا. و هناك شارع صغير مجاور للبعثة المصرية و وكان عدد المصريين في هذه المنطقة حوالي 15 ألف نفس و ما حدث في هذه الليلة أنه بعد أن قام الناس برمي الجمرات كنا في انتظار الحافلات لتقل الناس إلى مكة أما أنا فكنت قد قررت أن ألقي بعد الزوال و كان معي لواء شرطة متقاعد و مستشار قد قرروا المكوث معي ، و كنت متحمس جدا لمساعدة الناس في نقل حاجاتهم إلى الحافلات و كنت قد اكتسبت ثقة و محبة الناس في المخيم بفضل الله في فترة و جيزة جدا و استطعت أن أكسب ودهم بشكل كبير في هذه الأيام القليلة لذا فقد ألتف حولي الناس حين بدأت بوادر الأزمة و بفضل الله استطعت أن ألعب دور مهم جدا في هذه الليلة لحل الأزمة الرهيبة التي حدثت فجأة و هذه الأزمة باختصار أنه كان من المفترض أن تأتي الحافلات تباعا لتخلي المخيمات بالترتيب 16 ثم 17 ثم 18 ..... إلخ ، و تكون أيضا بترتيب الخيام داخل المخيم الواحد حتى لا تحدث فوضى فمثلا (16-أ) ثم (16-ب) وهكذا لكن جاء قرار رهيب لا أدري من أين هل هو من المسئولين عن البعثة المصرية أم المطوفين - و المطوف هو الشخص السعودي المسئول عن كل مخيم - فقد انطلقت فجأة أصوات في كل المخيمات أن غادروا على الفور لأن الحافلات في انتظاركم في الخارج ليس هذا فقط بل أن هناك إشاعة لاقت رواج سريع و هي أن الحافلات قليلة و لن تكفي المتواجدين و أن الناس لن تستطيع مغادرة منى و نظرا لأن الإنسان خلق هلوعا فقد خرج الناس سراعا علما بأن غالب الحجاج من كبار السن و النساء و بعضهم مرضى للغاية و الآن تخيل معي أخي القارئ شارع ضيق جدا يسع حافلتان بالكاد و الناس لا تعرف أرقام الحافلات و لا تستطيع أن تجد المشرفين في هذا الزحام و التخبط الرهيب و أصوات الصراخ و البكاء في كل مكان و للآسف بعض كبار المسئولين فروا من المكان خشية أن تحدث كارثة فيسألوا عنها و ألقوا المسئولية على كاهل صغار الضباط و الذين كانت لهم - و هي شهادة حق – مواقف بطولية في هذه الليلة العصيبة و على الرغم من كل هذه الأحداث شعرت بمتعة رهيبة لم أشعر بها في حياتي كلها فقد وجدت فجأة نفسي بطلا – أسأل الله أن يرزقنا الإخلاص – في عيون لناس و أنا أحمل متاعهم بل أحيانا أحملهم و أجري هنا و أساعد هذا و أحافظ لهذا على متاعه و أساعد العجائز و المرضى في ركوب الحافلات كانت النشوى تعتريني و الفرحة بمساعدة هؤلاء الضعفاء تعصف بي . و ماتزال ابتسامات هؤلاء الناس في وجهي و شعورهم بالأمان لوجودي حولهم محفورة في ذاكرتي أراها شاخصة أمام عيني دليل واقعي على عظمة هذا الدين في حثه على الرفق بالضعفاء و مساعدة الآخرين فمن فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الرحمن الرحيم عنه كربة من كرب الآخرة فالهم ارزقنا الإخلاص و اجعلنا عونا لكل محتاج .
لقد أطلت النفس هذه المرة لكن أرجو المعذرة فو الذي لا إله غيره إن مشاهد الحج الرائعة لا تُمحى بهذه البساطة و الحديث عنها له مذاق خاص ، كيف لا و هي من أعظم الشعائر التي فرضها الله علينا وهي منة عظيمة لا يعرفها إلا من ذاقها و رأى بأم عينيه كيف يكابد المرضى و كبار السن الأمرين من أجل هذه الشعيرة العظيمة و قد رأيت هذا جليا و أنا أساعد الحجاج في مغادرة منى الأمر الذي استغرق الليل بطوله حتى مطلع الفجر و كنا قد أو شكنا على الانتهاء و تبقى معي امرأتان عجوزان معها عدد من الحقائب أضف لذلك بدانتهم و كانتا تبكيان خوفا من أن ألا يستطيعا العودة على مكة نظرت حولي يمينا و يسارا فوجدت حافلة مسرعة متجهة نحونا و بالطبع كان السائق لا ينوي التوقف أبدا و لم يكن هناك أمامي سوى حل واحد فقمت بحمل بعض الحقائب و ألقيت نفسي أمام الحافلة و انطلقت الصرخات من حولي فقد تصور الجميع أن الحافلة ستدهسني لكني كنت واثق أن السائق سوف يتوقف بعون الله و لم أتحرك من أمام الحافلة حتى قاموا بأخذ المرأتان فحمدت الله كثيرا .
بقي الآن في جعبتي مشهدان أخيران الأول هو الحادث المأساوي الذي وقع في هذا العام عند جسر الجمرات و راح ضحيته أكثر من ثلاثمائة نفس و كنت أنا شاهد عيان على هذا الحادث بل إن أسرتي بالكامل ظنت أني هلكت فقد أخبرتكم من قبل أن هاتفي المحمول كانت له معي مغامرة خاصة في الحج فقد قمت باستخدامه في تصوير العديد من مشاهد الحج مما تسبب في فراغ بطاريته تماما لذا لم أستطع أن أتحدث إلى أسرتي أو معارفي لطمأنتهم علي فعندما و قع الحادث و لم يستطيعوا الاتصال بي ظن أبي و أمي أني قد هلكت و لم يستطيعوا معرفة أخباري إلا في المساء بعد عودتي الفندق و كان موقف مؤثر للغاية ، أعود مجددا للحادث فقد حضرت أحداثه و هناك عدد من الإشاعات تواترت حول هذا الحادث لذا أرى من واجبي أن أفندها لله ثم للتاريخ منها على سبيل المثال أن أحد الشخصيات الهامة كانت ترمي في هذا الوقت فقامت الشرطة بدفع الناس مما أدى لوقوع الحادث أقول أن هذا كذب وبهتان فقد رأيت أميرة من لأسرة الحاكمة ترمي و حولها عدد من الجنود و كان عليهم جميعا و قار و هدوء و كان عدد الحرس بسيط جدا مقارنة بأنها أميرة و لم يدفعوا أحدا أبدا و يجب أن أوضح أنني لست مواطن سعودي و لا أعمل حاليا في السعودية و قد يكون عندي بعض الملاحظات الخاصة على أخطاء وقعت في الحج أي أنني لست صاحب مصلحة خاصة في مدح الحكومة السعودية و لكنها شهادة حق و من يكتمها يأثم قلبه ، و من الأكاذيب أن تشدد بعض العلماء في عدم الانصياع لأصوات الحكمة التي نادت في توسيع وقت الرمي هو سبب الحادث فأقول إن الأخذ بالعزيمة و الورع في الفتوى لا يسمى تشدد و قد رمى رسول الله صلوات ربي و سلامه عليه بعد الزوال و هو فعل غالب الصحابة و الجمهور على هذا و دون دخول في تفاصيل فقهية فإن إتباع الهدي النبوي لم و لن يكن أبدا سبب في الكوارث إنما سبب هذا الحادث و هذا رأي الشخصي هو جشع غالب أصحاب الحملات فيحملون الناس على التعجل في اليوم الثاني عشر مما يجعل الحجاج يتصرفون بشيء من التسرع يؤدي لوقوع مثل هذه الحوادث الأمر الأخر هو عدم الاستماع لأصوات الحق فكل اللافتات الإرشادية الموضوعة في كل شبر تقريبا من أرض مكة يضرب بها عرض الحائط فالناس تنام عند جسر الجمرات وتحمل متاعها معها أثناء مغادرة منى و كل هذه الأشياء مجتمعة هي سبب مثل هذه الحوادث فالحج مسئولية كل فرد و ليست مسئولية أفراد الأمن أو رجال الدولة .
صدقوني ما عرضته عليكم صور سريعة جدا فالحج مليء بالأحداث الرائعة التي لو قصصتها عليكم لاحتجت لعشرات الحلقات لكن حسبي ما ذكرته الآن و أرجو أن أكون قد وفقت فيه لكن أسمحوا لي بموقف أخير كنا قد ركبنا الحافلة لنعود إلى القصيم و ظل رفاقي يقصون ويلات ما فعله أبو ترك و المقالب الساخنة المضحكة المبكية لكنهم حمدوا الله جميعا أن أتم عليهم نعمة الحج عدت برأسي إلى الوراء و أخذت أستعرض شريط ذكرياتي مع هذه الرحلة الرائعة و تلك الأيام المبهرة التي قضيناها في رحاب الله و كنا فيها بحق ضيوف الرحمن و لم يقطع حبل أفكاري إلا صوت سعال شديد للغاية نظرت يمنة و يسرى لأرى من صاحب هذا الصوت البشع ثم تذكرت أنها حالة الربو القاتلة المصابة بها حافلتنا المسكينة و كالعادة توقف الحافلة على جانب الطريق و قف السائق الهندي ينظر إلينا و عيناه تكاد تدمع و قال بصوت مستعطف (( ايش سوي أنا .... هذا سيارة ما في كويس ... كتير خربان ))
أراكم بإذن الله في القصيم قريبا .
i love cats
18-11-2008, 03:07 PM
مقتطفات رائــعه عن رحلة الحج ..:o
مشكوور اخوي على الاكمال الموفق ..وبانتظار "القصيـم" :)
اختك:i love cats..
الأسد الملك
18-11-2008, 03:13 PM
مشكور يالغالي على الموضوع الرائع
د.خالد الرفاعي
18-11-2008, 03:43 PM
جزاكم الله كل خير على المرور الرائع و التشجيع الدائم
أراكم في القصيم لنتكلم قليلا حول الأسهم السعودية :D
د.خالد الرفاعي
24-11-2008, 04:13 AM
سبحان الله و بحمده سبحان الله العظيم
Powered by vBulletin Version 3.8.8 Alpha 1
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd