قلب الماس
02-06-2006, 06:08 PM
http://www.9oorty.com/uploads/bef9d48bb9.gif (http://www.9oorty.com/)
لم تكد هذه الحمامة - القطاة – تلتقط أنفاسها من عناء البحث عن قوت الغداة حتى بدأت تستعد لقوت العشي ....
بعد أن أصبح الجو ملائما للبحث عن الطعام ... انتفضت الحمامة من بين فرخيها .. وقفزت برشاقة إلى غصن أعلى من مستوى العش قليلا ...
هذه القفزة استثارت الصغار لإصدار أصوات المطالبة ببقاء أمهما إلى جوارهما ... إنهما لا يعرفان معنى البحث عن الطعام ... كل ما يريدانه هو بقاء أمهما بجوارهما ويريدان الطعام أيضا ....
ألقت الأم نظرة مليئة بالحب والحنان على فرخيها ثم حلقت في الهواء ....
البحث عن قوت في هذا الموسم الجاف أمرٌ مظنٍ ...
حَلَّقت كثيرا .... ولكن دون جدوى ... لا يوجد ما يمكن تقديمه للفرخين ...
أثناء التحليق رأت صقرا يُحلِّق ... يبحث عن طعام أيضا ....
آآاااه ... لا مجال لمزيد من الضغوط .... لجأت إلى أقرب شجرة لتختفي عن نظره ... ولم يَطُل اختباءها حيث رأته منشغلا بفريسة انقض عليها ....
تابعت الطيران والبحث ... ولا جدوى ....
يكاد اليأس يقتلها ... ولا يمكن أن تعود لفرخيها بدون طعام ... إنهما لا يحتملان ذلك .....
مالت الشمس جهة الغروب ...... لا بد إذا من الاقتراب من البيوت ... مع ما في ذلك من خطر .... حلقت في ذلك الاتجاه ...
وبحسها الغريزي اختارت الوقوف على إحدى الأشجار القريبة .. لترى تحتها كومة صغيرة من الحبوب .. هذا رائع ويضمن وجبة عشاء لها ولفرخيها ... هوت سريعا لتسابق الزمن ...
ولكن ...........
كان هناك شَرَكٌ لها بالمرصاد ... وهذه الحبوب طُعم له ...
هذا ما لم يكن في الحسبان ...
امسكها الشَّرَك بأحد جناحيها فقط دون بقية جسمها .....
جمعت كل قوتها الضعيفة لتتخلص من هذا الشَّرك ... ولكن للأسف ... ومع ذلك استمرت في المحاولة ...
الذي يعرف الطيور يعلم أن الطائر إذا تم الإمساك بجناحيه الاثنين فإنه يتوقف تقريبا عن الحركة .. وإذا مُسك بساقيه خفق بجناحيه خفقا منتظما غير مؤذ ثم توقف ...
أما إذا تم مسك الطائر بجناح واحد فهذه قمة المعاناة ... لأنه لا يتوقف عن التخبط بجميع جسمه بشكل قوي ومؤذ له بمساعدة جناحه الآخر وقدميه ... فيكون غاية في الاضطراب والألم ... ولهذا السبب اختار الشاعر عروة ابن حزام هذا الوصف لقلبه في اشد حالات اضطرابه في قوله :
كأن قطاة عُلِّقت بجناحها ... على كبدي من شدة الخفقان
المهم .. أن حمامتنا غربت عليها الشمس وهي في محاولات مستميتة لتخليص جناحها من هذا الشَّرك ...
وهناك .. كان الفرخان ينتظران عودة الأم التي طالت هذه المرة خلاف المعتاد ... وكلما سمعا حفيف الأشجار ... صفقا بأجنحتهما العارية من الريش وفتحا أفواههما استعدادا لما ستلقيه الأم فيها كالعادة .... ثم لا يلبثا أن يغلقاها على كمية من الهواء البارد بعد اليأس ... واستمرا على هذا طول ليلهما ...
مع خيوط الفجر كانت الأم في الغاية التي ليس بعدها من الإعياء ... فلا هي نامت في ليلها ... ولا هي استطاعت الخلاص من آسِرِها ....
وبعد وقت جاء الطفل الذي نصب الشَّرك ... لتنتقل الحمامة بين يديه إلى نوع آخر من المعاناة ...
أخذت الحمامة تصرخ وتستجدي الطفل بكل ما يمكنها من لغات ... أقسمت له أنها لم تقترف ما يوجب عليها العقوبة ... توسلت إليه ... حدثته عن عذاباتها طول الليل ... شرحت له معاناة فرخيها ... بكت بغير دموع ...
ولكنه لا يسمع ولا يفهم ما تقول ... ومضى عابثا يربط خيطا في قدميها ليتمكن من اللعب بها بشكل أفضل ....
(( كم تتوقعون في قلب هذه الحمامة من الحزن .. واللوعة .. والأسى ..)) :(
.
.
إن في قلبها ما يفوق الوصف .. وما لم يعرفه من البشر إلا شخص واحد ..
نعم شخص واحد هو الشاعر : قَيْس بن مُعاذ ... ليلة فراق محبوبته .. عندما قال
كَأنَّ القَلْبَ لَيْلَةَ قِيلَ يُغْدَى
بِلَيْلَى العامِرِيَّةِ أو يُراحُ
قَطاةٌ عَزَّها شَرَكٌ فباتَتْ
تُجاذِبُهُ وقَدْ عَلِقَ الجَناحُ
لَها فَرْخانِ قد تُركا بِوَكْرٍ
فَعُشُّهُما تُصَفِّقُهُ الرَّياحُ
إذا سَمِعا هُبُوبَ الرِّيح نَصَّا
وقَدْ أَوْدَى بِها القَدَرُ المُتاحُ
فَلا في الليلِ نالَتْ ما تَمَنَّتْ
ولا في الصُّبْحِ كانَ لَها بَراحُ
لم تكد هذه الحمامة - القطاة – تلتقط أنفاسها من عناء البحث عن قوت الغداة حتى بدأت تستعد لقوت العشي ....
بعد أن أصبح الجو ملائما للبحث عن الطعام ... انتفضت الحمامة من بين فرخيها .. وقفزت برشاقة إلى غصن أعلى من مستوى العش قليلا ...
هذه القفزة استثارت الصغار لإصدار أصوات المطالبة ببقاء أمهما إلى جوارهما ... إنهما لا يعرفان معنى البحث عن الطعام ... كل ما يريدانه هو بقاء أمهما بجوارهما ويريدان الطعام أيضا ....
ألقت الأم نظرة مليئة بالحب والحنان على فرخيها ثم حلقت في الهواء ....
البحث عن قوت في هذا الموسم الجاف أمرٌ مظنٍ ...
حَلَّقت كثيرا .... ولكن دون جدوى ... لا يوجد ما يمكن تقديمه للفرخين ...
أثناء التحليق رأت صقرا يُحلِّق ... يبحث عن طعام أيضا ....
آآاااه ... لا مجال لمزيد من الضغوط .... لجأت إلى أقرب شجرة لتختفي عن نظره ... ولم يَطُل اختباءها حيث رأته منشغلا بفريسة انقض عليها ....
تابعت الطيران والبحث ... ولا جدوى ....
يكاد اليأس يقتلها ... ولا يمكن أن تعود لفرخيها بدون طعام ... إنهما لا يحتملان ذلك .....
مالت الشمس جهة الغروب ...... لا بد إذا من الاقتراب من البيوت ... مع ما في ذلك من خطر .... حلقت في ذلك الاتجاه ...
وبحسها الغريزي اختارت الوقوف على إحدى الأشجار القريبة .. لترى تحتها كومة صغيرة من الحبوب .. هذا رائع ويضمن وجبة عشاء لها ولفرخيها ... هوت سريعا لتسابق الزمن ...
ولكن ...........
كان هناك شَرَكٌ لها بالمرصاد ... وهذه الحبوب طُعم له ...
هذا ما لم يكن في الحسبان ...
امسكها الشَّرَك بأحد جناحيها فقط دون بقية جسمها .....
جمعت كل قوتها الضعيفة لتتخلص من هذا الشَّرك ... ولكن للأسف ... ومع ذلك استمرت في المحاولة ...
الذي يعرف الطيور يعلم أن الطائر إذا تم الإمساك بجناحيه الاثنين فإنه يتوقف تقريبا عن الحركة .. وإذا مُسك بساقيه خفق بجناحيه خفقا منتظما غير مؤذ ثم توقف ...
أما إذا تم مسك الطائر بجناح واحد فهذه قمة المعاناة ... لأنه لا يتوقف عن التخبط بجميع جسمه بشكل قوي ومؤذ له بمساعدة جناحه الآخر وقدميه ... فيكون غاية في الاضطراب والألم ... ولهذا السبب اختار الشاعر عروة ابن حزام هذا الوصف لقلبه في اشد حالات اضطرابه في قوله :
كأن قطاة عُلِّقت بجناحها ... على كبدي من شدة الخفقان
المهم .. أن حمامتنا غربت عليها الشمس وهي في محاولات مستميتة لتخليص جناحها من هذا الشَّرك ...
وهناك .. كان الفرخان ينتظران عودة الأم التي طالت هذه المرة خلاف المعتاد ... وكلما سمعا حفيف الأشجار ... صفقا بأجنحتهما العارية من الريش وفتحا أفواههما استعدادا لما ستلقيه الأم فيها كالعادة .... ثم لا يلبثا أن يغلقاها على كمية من الهواء البارد بعد اليأس ... واستمرا على هذا طول ليلهما ...
مع خيوط الفجر كانت الأم في الغاية التي ليس بعدها من الإعياء ... فلا هي نامت في ليلها ... ولا هي استطاعت الخلاص من آسِرِها ....
وبعد وقت جاء الطفل الذي نصب الشَّرك ... لتنتقل الحمامة بين يديه إلى نوع آخر من المعاناة ...
أخذت الحمامة تصرخ وتستجدي الطفل بكل ما يمكنها من لغات ... أقسمت له أنها لم تقترف ما يوجب عليها العقوبة ... توسلت إليه ... حدثته عن عذاباتها طول الليل ... شرحت له معاناة فرخيها ... بكت بغير دموع ...
ولكنه لا يسمع ولا يفهم ما تقول ... ومضى عابثا يربط خيطا في قدميها ليتمكن من اللعب بها بشكل أفضل ....
(( كم تتوقعون في قلب هذه الحمامة من الحزن .. واللوعة .. والأسى ..)) :(
.
.
إن في قلبها ما يفوق الوصف .. وما لم يعرفه من البشر إلا شخص واحد ..
نعم شخص واحد هو الشاعر : قَيْس بن مُعاذ ... ليلة فراق محبوبته .. عندما قال
كَأنَّ القَلْبَ لَيْلَةَ قِيلَ يُغْدَى
بِلَيْلَى العامِرِيَّةِ أو يُراحُ
قَطاةٌ عَزَّها شَرَكٌ فباتَتْ
تُجاذِبُهُ وقَدْ عَلِقَ الجَناحُ
لَها فَرْخانِ قد تُركا بِوَكْرٍ
فَعُشُّهُما تُصَفِّقُهُ الرَّياحُ
إذا سَمِعا هُبُوبَ الرِّيح نَصَّا
وقَدْ أَوْدَى بِها القَدَرُ المُتاحُ
فَلا في الليلِ نالَتْ ما تَمَنَّتْ
ولا في الصُّبْحِ كانَ لَها بَراحُ