عرض مشاركة واحدة
قديم 20-12-2010, 08:48 PM   #1
ala7med
هاوي متميز







55 سر رؤية القطط في الظلام

مع حلول الظلام ينطلق القط المنزلي بكل رشاقة باحثا عن حشرات أو فئران يصطادها، ولا نملك الا ان
نعجب بهذه القدرة الاستثنائية التي يتمتع بها القط وغيره من الحيوانات الليلية. فنحن نتحسس طريقنا
في الظلام ونصطدم بالعوائق أو نسقط في أي حفرة يضعها حظنا العاثر في طريقنا.
فما الذي تتميز به عينا القطط عن عيني الانسان حتى يرى في الظلمة بسهولة؟ حقا أن بؤبؤ عين
القط يتسع كثيرا في الظلام مما يسمح بدخول اكبر قدر ممكن من اشعة الضوء داخل العين، كما أن
شبكية عين القط اسمك مما هي لدينا، ويتصف قعر العين لديه بأنه يعكس الاشعة لاستغلالها لاقصى
حد. لكن يبدو أن الميزة الرئيسية لعين القط هي تلك التي اكتشفها علماء احياء وفيزياء مؤخرا، والتي
تنشأ عن ترتيب معين ومميز لمادة الوراثة DNA مما يجعل نوى الخلايا البصرية تعمل عمل العدسات
المجمعة أو اللامة للضوء.
في عام 1866 اكتشف الالماني مكس شلتزة مبادىء الإبصار: تحوي شبكة العين نوعين من
الخلايا المستقبلة للضوء : احدهما المخاريط (جمع مخروط) وهي التي تسمح لنا بتمييز الالوان،
والنوع الاخر العصي البالغة الحساسية للضوء. وبالتالي فهي مسؤولة عن الابصار الليلي.
لكن ما سر هذه الحساسية الفائقة للضوء؟
كشف بالصدفة.
تعود بداية القصة الى عام 2005 عندما كان فريق باحثين ألمان من جامعة لدفغ مكسمليانز في ميونخ
، يدرسون جينات معينة في خلايا شبكية عيون الفئران. فلاحظوا وجود شذوذ في ترتيب DNA
في نوى خلايا العصيات. اذ انه كان مرتبا بعكس الترتيب الاعتيادي المألوف في كافة الخلايا الحية.
ويشار إلى أن طول مادة الوراثة DNA داخل نواة الخلية حوالي المترين.
لكن هذا الحبل الطويل يجد مكانه في النواة بفضل التفافه حول جزيئات البروتينات، مثل عقد من
اللؤلؤ ، يطلق على هذا العقد اسم كروماتين. وهو يكون مفككا في مركز النواة حتى تسهل قراءة
محتوياته. ومكثفا متراصا على محيط النواة. لكن المفاجأة التي كانت بانتظار الباحثين الالمان هي
أن هذا النمط كان معكوسا في خلايا العصي في شبكية عين الفأر. فأجزاء DNA المتراصة توجد
في مركز النواة، والأجزاء المفككة أقرب لمحيط النواة. وكانت هذه هي المرة الأولى التي تلاحظ فيها
مثل هذه الظاهرة الاستثنائية.
فرضية غير متوقعة
كانت الخطوة التالية هي محاولة تفسير سبب هذه الظاهرة الغريبة والغرض منها، فأثيرت عدة فرضيات،
وكان منها أن هذا الترتيب المعكوس يلعب دورا في الرؤية الليلية لدى الفأر. أثارت هذه الفرضية
سخرية ورفضا لدى عدد من الباحثين، كما يقول بوريس يوفي (B.Joffe). ورغم ذلك قرر الباحثون
استكشاف مدى صحة هذه الفرضية، فبدأوا بجمع بيانات عن الشبكية في عيون نحو 20 حيوانا ليليا.
وكانت المفاجأة كبيرة، اذ تبين أن هذه الظاهرة موجودة لدى جميع هذه الحيوانات، بعكس جميع الحيوانات
النهارية، أي التي تمارس نشاطها في النهار وتنام ليلا.
وهكذا تأكدت فرضية التفسير الابصاري لانعكاس ترتيب DNA في نوى خلايا العصي في الشبكية.
وكانت الخطوة التالية هي فهم دور هذا الانعكاس في الإبصار الليلي. وهنا استعان فريق الباحثين المكون
من علماء احياء بفيزيائي مرموق من جامعة كمبرج يدعى جوشن غوك J.Guck استعان غوك
بالحاسوب لبناء نموذج لخلايا الشبكية لدى حيوانات ليلية ونهارية، ولدراسة مسار الأشعة الضوئية عبر هذه الخلايا.
وكانت النتيجة مذهلة. عملت خلايا شبكية الحيوانات الليلية عمل عدسة مجمعة للاشعة بعكس ما هي في
الحيوانات النهارية ، والتي شتتت الأشعة.

وحتى ندرك أهمية هذه الظاهرة، نذكر أن عدد العصي في شبكية عيون الحيوانات الليلية كبير جدا مقارنة
بزميلاتها النهارية. ولهذا السمك الكبير سلبية واضحة، لأن الأشعة يجب أن تخترق هذه الطبقة السميكة قبل
أن تصل الى الطبقات التي تحول الضوء الى اشارة كهربائية ترسل للدماغ. ولو لم تتمتع العصي في
الشبكية بخاصية تجميع الأشعة لانخفضت شدة الاشعة التي تخترق هذه الخلايا مما يقلل الفائدة من كثرتها.
وعلى اية حال، فان الابحاث في هذا المجال ما زالت في بداية الطريق لتفسير اسرار الرؤية الليلية.
فشدة الضوء في ليلة عادية تقل بمليار مرة عن شدته في النهار. ولا شك أن دماغ الحيوانات الليلية
يمتلك وسائل وقدرات فائقة حتى يتمكن من تفسير هذه البيانات الضوئية بالغة الضعف.
__________________
ala7med غير متصل