02-10-2008, 09:52 AM
|
#29
|
هاوي
|
حذاء أبو قاسم الطنبوري!! (6)
حذاء أبو القاسم الطنبوري!!(6)
أبو القاسم الطنبوري بخيل من البخلاء و كانت له نوادر كثيرة و لا أدري إن كانت حقيقية أم لا , و لعل أشهر تلك النوادر هي حذاءه القديم وقد سمعنا تلك القصة و نحن صغار , و لقد كان هذا الحذاء نعم الرفيق للطنبوري فظل هذا المسكين يتحمل بخل صاحبه لسنوات طويلة و كانت الرقع تضاف يوما بعد يوم لهذا الحذاء الضعيف فما اشتكى يوما بل كان على العهد مع صاحبه إلا أن قرر صاحبه البخيل ناكر الجميل التخلص من الحذاء الوفي فانتفض الحذاء غاضبا و كما قال الأولون (( اتقي شر الحليم إذا غضب )) فكان من أمر هذا الحذاء أن جر على صاحبه ويلات و مصائب فما استطاع صاحبه أن يفارقه أبدا بل انتهى الأمر أن صار أبو القاسم و الحذاء رفيقان في زنزانة واحدة و القصة طويلة و مثيرة و ساذجة لكن ما علاقتي أنا بكل هذا ؟
سلام عليكم و رحمة الله و بركاته هذه المرة أيها الرفاق أنقل لكم ذكرياتي من قلب الحدث أقصد من داخل المملكة العربية السعودية , ربما لا أكون هناك الآن بجسدي لكني أعيش تلك الذكريات و كأنها واقع حي يتمثل الآن أمام عيني و صوره شاخصة تتنفس و تتحرك فكأنما تلك اللحظات و الذكريات التي أرويها جزء لا ينفصل أبدا عما يدور الآن من حولي فتجارب الإنسان أيها الكرام لا تغادره إلا بمفارقة الروح الجسد . اليوم أيها الشباب سوف أحكي لكم قصة لطيفة و أحداثها بدأت من اليوم الأول لوصولي المملكة و انتهت نهاية درامية مؤثرة بعد عودتي إلى مصر و قد قررت أن أجمع فصول تلك الكوميديا السوداء حتى لا تنفلت بين سطور الذكريات فيضيع مذاقها الخاص و هي أشبه بقصة الحذاء الذي حول حياة صاحبه إلى جحيم مع فارق أن الصاحب في قصتي و هو أنا بالطبع كان حريص على صاحبه و هو جهاز المحمول الخاص لكن .... أرى أن نبدأ و سوف تفهم يا صديقي العزيز.
قبل سفري أعطاني الوالد الحبيب مبلغ من المال جيد و أصر ألا أصحب معي جهاز المحمول القديم و أوصاني بشراء جهاز محترم من الأجهزة الحديثة بمجرد وصولي لأرض المملكة العربية السعودية حتى أظهر بظهر لائق أمام أقراني في العمل , و بمجرد وصولي و أدائي العمرة أجريت مكالمة مع أبي و بعد أن طمأنتهم علي و على صحتي و أني الآن في الفندق وجدت أبي يؤكد وصيته بشراء المحمول فوعدته بإجابة طلبه و السعي في ذلك من الصباح الباكر , انطلقت مع مطلع اليوم التالي لشراء خط جديد و مازلت احتفظ بهذا الرقم حتى الآن لعلي أحتاجه يوما ما , و انطلقت لأكبر محلات الجولات في مكة و بالفعل اشتريت جهاز جوال لطيف وحديث لكنه لم يكن من الأنواع المشهورة التي جرت العادة على وجودها في أيدي الناس , فلما علم أبي بهذا حزن و أخبرني أنني دائما أحب مخالفة الناس و أني أسير عكس الاتجاه و لم يكن في وسعي استبدال الجهاز فوعدت أبي بحل تلك المشكلة , فلما ذهبت لبريده و بعد أول مرتب تقاضيته من المستشفى عمدت لأقرب محل جولات فبعت جوالي وخسرت مبلغ من المال ليس بقليل - و كانت تلك هي الغلطة التي جرت علي الويلات – و قمت بشراء جهاز محمول من نوع الباندا و هو من أنواع النوكيا و فرحت به جدا و قد ظل يعمل بانتظام و كفاءة عالية حتى موسم الحج فلما انتهى موسم الحج و كان لهذا الجهاز مغامرة عجيبة سوف تأتي لاحقا فقد تسبب في إشاعة خبر مقتلي , عموما بعد عودتي من الحج بيوم كان من أمر هذا الجهاز أن سكت إلى الأبد دون مقدمات فانطلقت به إلى أحد محلات الجولات محاولا إنقاذه من تلك الأزمة الصحية الطارئة التي أصابته لكن كل محاولات الإنقاذ باءت بالفشل و اكتشفت أن الرجل الذي باعه لي قد نصب علي فقد كان الجهاز مدمر قبل شرائي له و هنا يجب أن أسدي نصيحة لكل شاب مقبل على السفر إياك أن تشتري شئ مستعمل في الغربة فغالبا ما تكون هذه الأشياء المستعملة معبئة بأنواع من العفاريت الخفية التي لا تظهر إلا بعد فترة من الاستعمال و هي كافية بأن تقلق مضجعك و تطير النوم من عينك . المهم أني خرجت بالجهاز و قد لفظ أنفاسه الأخيرة بين يدي فقابلت رجل تبدو على ملامحه سمات الطيبة و كان معه طفل ممتلئ قليلا رأيت في عينيه كل معاني البراءة , فلما علم هذا الرجل ما كان من حالي قال لي لا تحمل أي هم سوف آخذ أنا جهازك و أعطيك جهاز أبني لأنه بالإنجليزية و لا يستطيع أبني التعامل معه و كان جهاز جيد مخصص أصلا للألعاب و هو من نوع النوكيا أيضا فقلت للرجل لكن جهازي لا يعمل فتبسم و قال لا عليك أنا أستطيع أن أصلحه , أعطيته الجهاز و انطلقت غير مصدق و قلت في نفسي إن الدنيا لتزال بخير لوجود مثل هذا الرجل فلما يمضي يومان حتى اكتشفت أنه كان نصاب هو الآخر و وجدت العفاريت تداهمني مرة أخرى و قد تطلب إصلاح هذا الجهاز الكثير من المال و انتهى بمعركة بيني و بين صاحب المحل الذي حاول استغلالي هو الآخر و في النهاية بعت هذا الجهاز بخسارة مادية كبيرة.
قررت أن أستريح من عناء تلك المعارك الدامية فترة و اشتريت جهازان متواضعان و لم يكلفاني شئ و كان هناك سبب قوي لأن يكون معي خطان في نفس الوقت سوف يأتي ذكره عندما أتحدث عن عيوب اعدم الزواج في الغربة , فلما تقدمت لامتحان هيئة التخصصات السعودية - و كان قد مر عدة أشهر دون أي خسائر في الأرواح أقد في أجهزة المحمول – قررت مكافأة نفسي لأني اجتزت الامتحان بشراء جهاز محمول غالي مما يسمى بالكمبيوتر الكفي و قد كان نعم الرفيق فقد وضعت عليه بعض الموسوعات العلمية و الكتب الهامة و المحاضرات ثم ذهبت لأداء عمرة و باختصار شديد سرق هذا المحمول فاسترجعت و حمدت الله ثم وجدت شخص سوري – للعلم من أكثر الجنسيات التي أحببت التعامل معها هم الأخوة السوريين و سوف يأتي تفصيل ذلك لاحقا - يتصل بي و يخبرني أنه استطاع التحايل على من سرق الجهاز و أخبره أنه لا قيمة له فأخذه منه و بحث في الأرقام حتى عثر على رقم جوالي الثاني و اتصل بي فورا حتى يعيده لي , شكرته كثيرا و كان هذا الشخص يقيم في الطائف فطلبت منه إعطاء الجهاز لأحد معارفي في مدينة الطائف و هو يعمل مندوب دعاية في أحد شركات الدواء الكبرى و استطاع بالفعل أن يتقابل معه وكان هناك محاولة من الرجل الذي قام بالاستيلاء عليه أول مرة بأن يسرقه مرة أخرى لكنه لم يستطيع , أخذ صديقي المقيم في الطائف الجهاز و وضعه في سيارته و أخبرته بدوري أنني سوف أرسل له شخص ما في القريب العاجل للحصول على المحمول و هنا مثل قصة حذاء الطنبوري كان لابد أن يحدث شئ ما , و في هذه المرة كانت بالفعل مفاجأة من العيار الثقيل كنت قد أخبرتكم أن صديقي وضع المحمول في سيارته لأن عمله كمندوب دعاية يتطلب وجوده خارج البيت لفترات طويلة لذا أراد أن يحفظه في السيارة حتى يتمكن من إعطائه للشخص الذي أخبرته عنه أظن أن ما يدور في أذهانكم الآن أن المحمول قد سرق من السيارة أليس كذلك ؟؟ , لكن الحقيقة أن ما حدث كان أكثر غرابة فقد غادر صديقي هذا البيت كعادته متجها لعمله فلم يجد السيارة و لا المحمول بالطبع لقد سرقت سيارته و لم يجدها على حد علمي حتى يومنا هذا !!.
أردت أن تنتهي مغامراتي مع أجهزة المحمول فاشتريت جهاز أخير معقول و ظل معي حتى عدت إلى مصر لكن يبدو أن حذاء الطنبوري كان لي بالمرصاد ففي أحد الأيام و كنت مرهق للغاية أعتقد أني كنت عائد من سفر وضعت ملابسي في الغسالة سريعا لأني أحب أن أغسل ملابسي بنفسي و بعد ثواني من تشغيل الغسالة سمعت صوت غريب داخلها فأوقفتها على الفور و كان ما كان كالعادة فقد عثرت على آخر محمول لي داخل الغسالة لتنتهي أخر فصول هذه المأساة .
في المرة القادمة بإذن الله سوف أصحبكم بإذن لمنطقة القصيم و هي موطن غالب الأحداث القادمة . أعرف أني قد أطلت قليلا لكن أخيرا وبعد طول انتظار سوف نذهب إلى هناك مباشرة أرجو أن تكونوا في انتظاري.
|
|
|