الموضوع: قصة من جليس
عرض مشاركة واحدة
قديم 25-04-2011, 04:41 PM   #1
مالكية والفخر ليه
هاوي







52 قصة من جليس

التخرج


تدحرجت كرة امام سيارة الاجرة , فضغط "موراكامي" بقوة على الكوابح , قذف الراكب الجالس في
المقعد الخلفي بشدة الى الامام , فارتطم رأسه بالحاجز الزجاجي الذي يفصل بينه وبين السائق
وقال :"ماالذي تفعله؟"

ادار "موراكامي" محرك السيارة من جديد , وقال:"المعذرة يا سيدي! عندما رأيت الكرة , فانني.........."
"كرة ؟! دست الكوابح بهذه القوة بسبب كرة؟!"
صاح "موراكامي" الذي تملكه الغضب فجأة :"من اجل طفل قد يكون منطلقا خلفها , ام انه لا يهمك
ان يقتل طفل؟"

استرخى الراكب على المقعد وقال:"طيب,طيب" ثم غرق في صمت كئيب

وبعودته الى القيادة احس "موراكامي" بقطرات العرق تنساب على عموده الفقري , وكانت
الذكريات المرعبة , تلك التي مضى عليها ست سنوات , مازالت متوهجة كاوضح ما تكون




هكذا تبدأ قصتنا من الادب الياباني التي تحكي لنا عن سائق اجرة "موراكامي" حدثت معه منذ
ست سنوات ولم تغب عن تفكيره لحظة واحدة
حيث كان "موراكامي" قد قاد سيارة الاجرة مدة تزيد على العشر سنوات , لم يتلق خلالها اي
مخالفة سير , ولكن في ذات يوم كان مشغولا اكثر من المعتاد , وبينما كان يمضي في طريقه
الضيق , فاجأته سيارة مسرعة في الجهة المقابلة شتتت تفكيره لعدة ثوان , كانت كافية لاندفاع
طفل صغير من بوابة مفتوحة امام سيارته , فضغط على الكوابح بكل قوة , واطلقت الاطارات
صرخة طويلة حادة , وشعر بانه لطم شيئا محدثا صوتا مكتوما , فاغمض عينيه

عبر "موراكامي" هذا الشارع مرات لا حصر لها منذ وقوع الحادث , وفي يوم من الايام وهو مار في
ذلك الشارع ركب معه رجل عجوز , وطلب منه ايصاله الى المدرسة التي في الحي , طبعا السائق
يعرف المدرسة تماما , فهي مدرسة ذلك الطفل , قال له العجوز:"اليوم حفل تخرج حفيدي"
واخرج صورة من جيبه واراه اياها , فاذا به يرى امامه صورة ذلك الصبي , فعلم ان هذا العجوز هو جده
وانه مازال يعتقد ان حفيده حي ... فلما اوصله الى المدرسة اوقف السيارة ولحقه بخطوات سريعة
باتجاه المدرسة , مامن شك في ان هذا العجوز بدأ يترنح في الزحام , باحثا عن حفيده الوهمي.

فجأة تراجع "موراكامي" كان المكان مزدحما بطوابير وراء اخرى من الطلاب واولياء امورهم , والجميع
جلوس بهدوء لمتابعة خشبة المسرح , فاجأته امرأة شابة , هي مدرسة , حسبما خمن وهي
تسأله :"المعذرة , هل كنت تنتظر احدا ..؟!" حينها دوت اركان المدرسة باصوات التصفيق الحار,
فنظر "موراكامي" باتجاه خشبة المسرح , هناك مع كل الطلبة الخريجين وقف العجوز الذي سلم
شهادة التخرج , فاستدار الى المدرسة الشابة وقال :"ذلك الرجل....!!"
اخذت المدرسة تشرح:"اه , نعم , لقد فقد حفيدا له منذ سنوات , وهو شخصيا لم يتلق اي تعليم
في المدارس , لذلك قال انه سيذهب بدلا من حفيده , فقد نفذ ذلك بالفعل , كل يوم , ومنذ ست
سنوات"
اضافت وهي تهز رأسها باعجاب :"انني حقيقة احترم هذا الرجل"
فانتظره "موراكامي" حتى خرج وطلب منه ان يوصله بعدما هنأه , ضحك العجوز ضحكة خافتة وتنهد
قائلا :"اه لقد سمعت الخبر ؟ ان الامر محرج نوعا ما , لم يكن باستطاعتي ان اشرح ان التخرج كان
تخرجي انا , على اية حال لقد حققت ذلك , لقد وعدت حفيدي انني ساتخرج من اجله"
قطع "موراكامي" مسافة بالسيارة قبل ان يقول :"انا السائق الذي صدم حفيدك" , لم يكن هناك
من رد , توقف السائق عند حافة الطريق واستدار باتجاه العجوز , لم يتحرك العجوز , كانت عيناه
مغمضتين , ويداه ممسكتين بالشهادة المطوية باحكام , لقد اوفى بوعده لحفيده , ثم شق طريقه
عبر نوع اخر من التخرج ........................



الجدير بالذكر ان كاتب القصة هو "تشيرو اكاجاوا" الذي ولد في عام1948, كتب مجموعة كبيرة من
القصص و الالغاز الغامضة..............................................................................................
مالكية والفخر ليه غير متصل