الأمومة ورعاية الصغار في عالم الحيوان.

[مالك الحزين]

بسـم الله الرحمن الرحيم


الأمومة ورعاية الصغار في عــــــــالم الحيوان

الأمومة في الحيوانات لا تقل قيمة وروعة عنها في الإنسان. وحنان الأم في عالم الحيوان لا يبدأ بمجرد رؤية وليدها أو فقسها لأول مرة
بل يبدأ حنان الأم وصغيرها مازال جنيناً في بطنها وبين أحشائها. وقد يبدأ حنان الأم وعطفها بمجرد وضع البيض فنجد الحيوانات
البياضة التي يفقس بيضها خارج الجسم بعد حضانة خاصة كالأسماك والطيور وغيرها تدفعها عاطفة الأمومة ورغبتها في المحافظة
على نسلها إلى وضع بيضها في مكان أمين بعيداً عن الأعداء الطبيعية. وهي تتخير المكان الذي تراه مناسباً لوقاية البيض من كافة الأعداء والعوامل الجوية ، فقد يكون هذا المكان تحت صخرة أو داخل شق في حائط أو غيره.

وبالرغم من أن عاطفة الأمومة لدى الإناث قوية إلا أن رعاية الصغار قد يقوم بها الذكورأيضاً، أو يشترك الأبوان فيها.

على الجانب الآخر فهناك حيوانات ليس للأمومة ورعاية الصغار عندها أي مكان. فالحيوانات المائية كنجم البحر والأخطبوط ينطلق منها البيض إلى الماء وكذلك تنطلق منها الأمشاج المذكرة وتتولى التيارات المائية وحدها جمع شملها ولذلك تنتج هذه الحيوانات عدداً ضخماَ من الأمشاج لضمان بقاء نوعها من الإنقراض وعندما يفقس البيض وتخرج الصغار فإنها تكافح في سبيل الحصول على غذاءها دون عون من آبائها.

وتتراوح مدة رعاية الصغار من حيوان لآخر ، فمثلاً أنثى الجمبري ترعي صغارها حوالي شهر ، وذكر كلب السمك يرعى صغاره حتى يبلغ طولها أربع بوصات ، كما أن شغالة نحل العسل تحيط الصغار باهتمامها ورعايتها حتى يتم النضج ، ويلاحظ في الطيور التي تكون صغارها قادرة على الحركة ومفتوحة العينين أنها تلقى رعاية أقل من تلك التي تلقاها الصغار التي تفقس ناقصة عمياء حيث تعتمد هذه على رعاية الأبوين فترة من الوقت حتى تستطيع الإعتماد على نفسها.

أما الثدييات فإنها جميعها تعتني بصغارها منذ بداية الحياة الجنينية وبعد الميلاد وحتى تصبح قادرة على رعاية نفسها ، فمثلاً نجد حيوان الكنغرو يحمل الصغار في أكياس على بطنه ويسعى بها هنا وهناك.

وبصفة عامة فإن الرعاية الأبوية تزداد بتطور الحيوانات وخاصة في الفقاريات ، كما أن عدد الصغار السنوي يأخذ في القلة كلما زادت الرعاية.

نماذج من رعاية الحيوانات المختلفة لصغارها:
1- عندما تضع أنثى الضفادع بيضها فإنها تشتبك مع الذكر وبذلك يلتف حبل البيض على رجليه فيصبح الذكر حاملا للبيض ويذهب إلى أقرب مصدر للماء وعندما يقترب موعد الفقس ينزل الذكر إلى الماء حتى تخرج صغاره وبذلك يتحرر من مسؤوليته.
2- قد يعلق البيض بزوائد الأنثى أو يحفظ داخل أكياس خاصة كما في الحيوانات القشرية أو قد يحاط بالشرنقة.
3- بعض محار المياه العذبة والقواقع يحفظ بيضه وصغاره بين حنايا الواحة طوال الشتاء.
4- تضع الطيور بيضها في أعشاش تصنعها وقد يكون العش مجرد أعواد مجمعة من قش وحطب أو حفرة ممهدة في الأرض وقد تكون هندسة العش أحياناً آية في الدقة ونمــوذج للفن والذكاء!.
5- أنثى الفيل عادة تكون هادئة لكن إذا أصاب صغيرها مكروه ثارت وتمردت وأخذت تدافع عنه بكل شراسة. وقد ثبت من التجارب أن الفيلة أثناء دفاعها عن صغيرها لا تأبه بأي شيء وقد يصيبها الرصاص والقذائف النارية وينزف جسمها دماً ومع ذلك تستمر في رعايتها لأبنائها حتى يدركها المـــــوت!.
6- عندما تكون البقرة حامل فإنها تسير ببطء شديد خوفاً على جنينها. وعندما تلد البقرة نراها تلعق وليدها لتنظفه مما علق بجسمه وهذه غريزة طبيعية عندها تفعلها دون وعي أو تفكير. وكذلك فإنها تلتهم المشيمة مع أنها ليست من الحيوانات آكلة اللحوم ولكن حرصها على مصلحة وليدها يدفعها إلى تنظيف ما حوله حتى لا يتعفن ذلك المكان ويصبح مأوى لجراثيم تفتك بوليدها.


رعاية الحشرات للبيض:
نرى أشكالا متعددة لرعاية الحشرات لبيضها منها
1- بعض الحشرات تخفي بيضها بوسائل خاصة أو تضع عليه مادة كيميائية حافظة.
2- حشرات القمل تلصق بيضها بعناية فائقة بالشعر.
3- بعض الحشرات تبني أنفاقا تحت سطح الأرض حيث تخفي فيها الأنثى البيض إلى أن يفقس.
4- قد يوضع البيض على سيقان وأفرع الأشجار ولكثير من الحشرات آلات وضع بيض تستطيع أن تضع البيض داخل الثمار.
5- قد يكون البيض فردياً أو يكون له حامل أو يكون في مجاميع.
6- يعتبر تزويد البيض بالغذاء وبالقشرة الواقية وتغطيتها بالإفرازات التي تساعد البيضة على التثبيت في أماكن وضعها نوعا من الرعاية لهذا البيض مثل كيس البيض والشرنقة في الصرصور.
7- الكثير من الحشرات لا تخفي بيضها فحسب!، ولكنها تجلب يرقات حشرات أخرى بجانب بيضها حتى تجد صغارها غذاء حينما تفقس!.
ويشذ عن هذا بعض الحشرات القليلة جداًّ حيث تضع بعض الحشرات بيضها أثناء الطيران أو في البيئة التي توجد بها على أوراق الأشجار أو الثمار وغيرها. وكذلك الذباب الذي يضع البيض في الأماكن القذرة التي يقف بها.

تدريب الصغار في عالم الحيوان
الفترة التي يكون فيها الحيوان الصغير ضعيفا ومحتاجا لرعاية أبويه تعتبر فترة هامة جداً حيث أنه يكتبسب أثنائها تعليماً وتدريباً من الكبار ذوي الخبرة. أيضاُ الكبار يعملوا بدورهم على نقل هذه الخبرة إلى الصغار حتى يتمكنوا من الإعتماد على النفس وأمثلة ذلك:
1- تزج البجع بفراخها قهراً إلى الماء لكي تتعلم السباحة!.
2- يدفع النسر أفراخه وهو في العش إلى تمرين عضلات الأجنحة وتتم حركة التمرين هذه تحت إشراف الأبوين فنجدهما يشجعان الصغير على الطيران ويحركان أجنحتهما كي يقلدهما الصغير، وإذا وجدوه على وشك الفشل مال أحدهما بجسمه تحت جسم هذا الصغير ودعمه حتى لايسقط!.
3- الفراريج البرية التي تعيش في بعض الغابات تظل شهراً كاملاً بعد فقسها وخروجها من البيض عاجزة عن الطيران فتضطر أمهاتها إلى البقاء بجوارها لا عمل لها سوى قيادة صغارها داخل الغابة وخارجها حتى تستطيع الإعتماد على نفسها!.
4- القطط تدرب أولادها على مداعبة وقنص الفئران.
5- حيوان إبن عرس يحضر الفرائس الصغيرة الحية إلى بيئته ليتدرب عليها الصغار!.
6- الأسود تروض أشبالها وتدربها، وأول ما يتدرب عليه الشبل هو كيف يقتنص الحمل الصغير من مرعاه القريب، لهذا فإن رعاية الأغنام في الجهات الغربية لا يهدأ لهم بال مادام هناك أشبال تحت التدريب!.
7- أنثى الحوت تظل ملازمة لولدها الرضيع عاماً كلاملاً تغذيه وتحافظ عليه وإذا مسه أذى حل بها التمرد والغضب والجنون لدرجة تستطيع معها أن تحطم قارباً كبيراً بمن فيه!.

أتمنى أني قد أفدتكم بهذه المعلومات!
ملاحظة: نُــقِل الموضوع من كتاب (سلوك الحيوان)